قال القاضي أبو محمد : فقيل معنى هذا الكلام وضع العلم موضع المعلومات، وإلا فعلم الله تعالى يشبه بمتناه إذ لا يتناهى، والبحر لو فرضت له عصافير على عدد نقطه لانتهى، وعندي أن الاعتراض باق لأن تناهي معلومات الله محال، إذ يتناهى العلم بتناهي المعلومات، وقيل فراراً عن هذا الاعتراض، يحتمل أن يريد من علم الله الذي أعطاه العلماء قبلهما، وبعدهما إلى يوم القيامة، فتجيء نسبة علمهما إلى البشر نسبة تلك النقطة إلى البحر، وهذا قول حسن لولا أن في بعض طرق الحديث " ما علمي وعلمك وعلم الخلائق في علم الله إلا كنقرة هذا العصفور "، فلم يبق مع هذا إلا أن يكون التشبيه بتجوز، إذ لا يوجد في المحسوسات أقوى في القلة من نقطة بالإضافة إلى البحر، فكأنها لا شيء إذ لا يوجد لها إلى البحر نسبة معلومة، ولم يعن الخضر لتحرير موازنة بين المثال وبين علم الله تعالى.
﴿ فانطلقا ﴾ في موضع نزولهما من السفينة، فمرا بغلمان يلعبون، فعمد الخضر إلى غلام حسن الهيئة وضيء، فاقتلع رأسه، ويقال رضه بحجر، ويقال ذبحه وقال بعض الناس كان الغلام لم يبلغ الحلم، ولذلك قال موسى ﴿ زكية ﴾ أي لم تذنب، وقالت فرقة بل كان بالغاً شاباً، والعرب تبقي على الشاب اسم الغلام، ومنه قول ليلى الأخيلية :[ الطويل ]


الصفحة التالية
Icon