وقيل : خرج أهل السفينة إلى جزيرة، وتخلف الخضر فخرق السفينة.
وقال ابن عباس : لما خرق الخضر السفينة تنحى موسى ناحية، وقال في نفسه : ما كنت أصنع بمصاحبة هذا الرجل! كنت في بني إسرائيل أتلو كتاب الله عليهم غدوة وعشيّة فيطيعوني! قال له الخضر : يا موسى أتريد أن أخبرك بما حدّثتَ به نفسك؟ قال : نعم.
قال ؛ كذا وكذا.
قال : صدقت ؛ ذكره الثعلبي في كتاب "العرائس".
الثانية : في خرق السفينة دليل على أن للوليّ أن ينقص مال اليتيم إذا رآه صلاحاً، مثل أن يخاف على رَيْعه ظالماً فيخرّب بعضَه.
وقال أبو يوسف : يجوز للوليّ أن يصانع السلطان ببعض مال اليتيم عن البعض.
وقرأ حمزة والكسائي "لِيَغْرَقَ" بالياء "أَهْلُهَا" بالرفع فاعل يغرَق، فاللام على قراءة الجماعة في "لُتغرِقَ" لام المآل مثل
﴿ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوّاً وَحَزَناً ﴾ [ القصص : ٨ ].
وعلى قراءة حمزة لام كي، ولم يقل لتغرقني ؛ لأن الذي غلب عليه في الحال فرط الشفقة عليهم، ومراعاة حقهم.
و"إِمْراً" معناه عجباً ؛ قاله القتبيّ.
وقيل : منكَراً ؛ قاله مجاهد.
وقال أبو عبيدة : الإمر الداهية العظيمة ؛ وأنشد :
قد لَقِيَ الأقرانُ مِنِّي نُكْرَا...
داهِيةً دَهْيَاءَ إدًّا إِمْرَا
وقال الأخفش : يقال أَمِرَ أَمْرُهُ يَأْمَر ( أَمْراً ) إذا اشتدّ، والاسم الإِمْر.
قوله تعالى :﴿ قَالَ لاَ تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ ﴾ في معناه قولان : أحدهما : يروى عن ابن عباس، قال : هذا من معاريض الكلام.
والآخر : أنه نسي فاعتذر ؛ ففيه ما يدل على أن النسيان لا يقتضي المؤاخذة، وأنه لا يدخل تحت التكليف، ولا يتعلق به حكم طلاق ولا غيره ؛ وقد تقدّم.
ولو نسي في الثانية لاعتذر.
قوله تعالى :﴿ فانطلقا حتى إِذَا لَقِيَا غُلاَماً فَقَتَلَهُ ﴾