الفائدة الثالثة : أن ذلك التخريق وجب أن يكون واقعاً على وجه لا تبطل به تلك السفينة بالكلية إذ لو كان كذلك لم يكن الضرر الحاصل من غصبها أبلغ من الضرر الحاصل من تخريقها، وحينئذ لم يكن تخريقها جائزاً.
الفائدة الرابعة : لفظ الوراء على قوله :﴿وَكَانَ وَرَاءهُم﴾ فيه قولان : الأول : أن المراد منه وكان أمامهم ملك يأخذ، هكذا قاله الفراء وتفسيره قوله تعالى :
﴿مّن وَرَائِهِمْ جَهَنَّمُ﴾ [ الجاثية : ١٠ ] أي أمامهم، وكذلك قوله تعالى :﴿وَيَذَرُونَ وَرَاءهُمْ يَوْماً ثَقِيلاً﴾ [ الإنسان : ٢٧ ] وتحقيقه أن كل ما غاب عنك فقد توارى عنك وأنت متوار عنه، فكل ما غاب عنك فهو وراءك وأمام الشيء وقدامه إذا كان غائباً عنه متوارياً عنه فلم يبعد إطلاق لفظ وراء عليه.
والقول الثاني : يحتمل أن يكون الملك كان من وراء الموضع الذي يركب منه صاحبه وكان مرجع السفينة عليه.
وأما المسألة الثانية :
وهي قتل الغلام فقد أجاب العالم عنها بقوله :﴿وَأَمَّا الغلام فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ﴾ قيل : إن ذلك الغلام كان بالغاً وكان يقطع الطريق ويقدم على الأفعال المنكرة، وكان أبواه يحتاجان إلى دفع شر الناس عنه والتعصب له وتكذيب من يرميه بشيء من المنكرات وكان يصير ذلك سبباً لوقوعهما في الفسق.