قوله :" غَصْباً " فيه أوجهٌ، أحدُها : أنه مصدرٌ في موضعِ الحال، أو منصوبٌ على المصدرِ المبيِّنِ لنوعِ الأَخْذِ، أو منصوبٌ على المفعولِ له. وهو بعيدٌ في المعنى. وادَّعى الزمخشري أنَّ في الكلامِ تقديماً وتأخيراً فقال :" فإنْ قلتَ : قولُه " " فَأَرَدْتُ أَنْ أعيبَها " مُسَبَّبٌ عن خوفِ الغَصْبِ عليها فكان حقُّه أن يتأخرَ عن السبب فلِمَ قُدِّم عليه؟ قلت : النيةُ به التأخيرُ، وإنما قُدِّمَ للعنايةِ به، ولأنَّ خَوْفَ الغَصبِ ليس هو السببَ وحدَه، ولكن مع كونِها للمساكينِ، فكان بمنزلةِ قولِك : زيدٌ ظنَِّي مقيمٌ ".
﴿ وَأَمَّا الْغُلَامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَا أَنْ يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا (٨٠) ﴾
قوله :﴿ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ ﴾ : التثنيةُ للتغليبِ، يريد : أباه وأمه، فغلَّب المذكرَ، وهو شائعٌ. ومثلُه : القمران والعُمَران. وقد تقدَّم في يوسف : أنَّ الأبوين يُراد بهما الأبُ والخالَةُ فهذا أقربُ.
والعامَّةُ على " مُؤْمِنَيْنِ " بالياء. وأبو سعيد الخُدريُّ والجحدري " مؤمنان " بالألف. وفيه ثلاثةُ أوجهٍ. أحدُها : أنه على لغة بين الحارث وغيرهم. الثاني : أنَّ في " كان " ضميرَ الشأنِ، و " أبواه مؤمنان " مبتدأ وخبرٌ في محلِّ النصبِ كقوله :
٣١٩٢-إذا مِتُّ كان الناسُ صِنْفانِ شامِتٌ | ............................ |
﴿ فَأَرَدْنَا أَنْ يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْرًا مِنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْمًا (٨١) ﴾