الثاني : قراءة ابن عامر في إحدى الروايتين عن أبي عمرو رحماً بضم الحاء والباقون بسكونها وهما لغتان مثل نكر ونكر وشغل وشغل.
وأما المسألة الثالثة :
وهي إقامة الجدار فقد أجاب العالم عنها بأن الداعي له إليها أنه كان تحت ذلك الجدار كنز وكان ذلك ليتيمين في تلك المدينة وكان أبوهما صالحاً ولما كان ذلك الجدار مشرفاً على السقوط ولو سقط لضاع ذلك الكنز فأراد الله إبقاء ذلك الكنز على ذينك اليتيمين رعاية لحقهما ورعاية لحق صلاح أبيهما فأمرني بإقامة ذلك الجدار رعاية لهذه المصالح، وفي الآية فوائد.
الفائدة الأولى : أنه تعالى سمى ذلك الموضع قرية حيث قال :﴿إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ﴾ وسماه أيضاً مدينة حيث قال :﴿وَأَمَّا الجدار فَكَانَ لغلامين يَتِيمَيْنِ فِى المدينة ﴾.
الفائدة الثانية : اختلفوا في هذا الكنز فقيل : إنه كان مالاً وهذا هو الصحيح لوجهين.
الأول : أن المفهوم من لفظ الكنز هو المال.
والثاني : أن قوله :﴿وَيَسْتَخْرِجَا كَنزَهُمَا﴾ يدل على أن ذلك الكنز هو المال وقيل إنه كان علماً بدليل أنه قال :﴿وَكَانَ أَبُوهُمَا صالحا﴾ والرجل الصالح يكون كنزه العلم لا المال إذ كنز المال لا يليق بالصلاح بدليل قوله تعالى :﴿والذين يَكْنِزُونَ الذهب والفضة وَلاَ يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ الله فَبَشّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ﴾ [ التوبة : ٣٤ ] وقيل : كان لوحاً من ذهب مكتوب فيه : عجبت لمن يؤمن بالقدر كيف يحزن، وعجبت لمن يؤمن بالرزق كيف يتعب، وعجبت لمن يؤمن بالموت كيف يفرح، وعجبت لمن يؤمن بالحساب كيف يغفل، وعجبت لمن يعرف الدنيا وتقلبها بأهلها كيف يطمئن إليها، لا إله إلا الله محمد رسول الله.


الصفحة التالية
Icon