تقدم القول في ﴿ الغلام ﴾، والخلاف في بلوغه أو صغره، وفي الحديث : أن ذلك الغلام طبع يوم طبع كافراً، وهذا يؤيد ظاهره أنه كان غير بالغ، ويحتمل أن يكون خبراً عنه، مع كونه بالغاً. وقيل اسم الغلام جيسور بالراء، وقيل جيسون بالنون، وهذا أمر كله غير ثابت، وقرأ أبي بن كعب :" فكان كافراً وكان أبواه مؤمنين "، وقرأ أبو سعيد الخدري " فكان أبواه مؤمنان " فجعلها كان التي فيها الأمر والشأن، وقوله ﴿ فخشينا ﴾ قيل هو في جملة الخضر، فهذا متخلص. والضمير عندي للخضر وأصحابه الصالحين الذين أهمهم الأمر وتكلموا فيه، وقيل هو في جهة الله تعالى، وعنه عبر الخضر قال الطبري معناه فعلمنا وقال غيره معناه فكرهنا والأظهر عندي في توجيه هذا التأويل، وإن كان اللفظ يدافعه، أنها استعارة، أي على ظن المخلوقين والمخاطبين، لو علموا حاله لوقعت منهم خشية الرهق للأبوين، وقرأ ابن مسعود " فخاف ربك " وهذا بين في الاستعارة وهذا نظير ما يقع في القرآن في جهة الله تعالى من لعل وعسى : فإن جميع ما في هذا كله، من ترج وتوقع، وخوف، وخشية، إنما هو بحبكم أيها المخاطبون، و﴿ يرهقهما ﴾ معناه يحثهما ويكلفهما بشدة، والمعنى أن يلقيهما حبه في اتباعه، وقرأ الجمهور " أن يبَدّلهما " بفتح الباء وشد الدال، وقرأ ابن محيصن والحسن وعاصم " يبدلهما " بسكون الباء وتخفيف الدال، و" الزكاة " : شرف الخلق، والوقار والسكينة المنطوية على خير ونية، و" الرحم " الرحمة، والمراد عند فرقة أي يرحمهما، وقيل أي يرحمانه، ومنه قول رؤبة بن العجاج :[ الرجز ]
يا منزل الرحم على إدريسا... ومنزل اللعن على إبليسا


الصفحة التالية
Icon