والحشرج : ماء من مياه العرب ؛ وقيل : إنه رأى في أوّل ملكه كأنه قابض على قرني الشمس فسمي بذلك، وقيل : كان له قرنان تحت عمامته ؛ وقيل : إنه دعا إلى الله فشجه قومه على قرنه، ثم دعا إلى الله فشجوه على قرنه الآخر، وقيل : إنما سمي بذلك لأنه كريم الطرفين من أهل بيت شرف من قبل أبيه وأمه، وقيل : لأنه انقرض في وقته قرنان من الناس وهو حيّ، وقيل : لأنه كان إذا قاتل قاتل بيديه وركابيه جميعاً، وقيل : لأنه أعطي علم الظاهر والباطن، وقيل : لأنه دخل النور والظلمة، وقيل : لأنه ملك فارس والروم، وقيل : لأنه ملك الروم والترك، وقيل : لأنه كان لتاجه قرنان.
قوله :﴿ قُلْ سَأَتْلُواْ عَلَيْكُم مّنْهُ ذِكْراً ﴾ أي : سأتلو عليكم أيها السائلون من ذي القرنين خبراً.
وذلك بطريق الوحي المتلوّ.
ثم شرع سبحانه في بيان ما أمر به رسوله أن يقوله لهم من أنه سيتلو عليهم منه ذكراً فقال :﴿ إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِى الأرض ﴾ أي : أقدرناه بما مهدنا له من الأسباب، فجعلنا له مكنة وقدرة على التصرف فيها، وسهلّ عليه المسير في مواضعها، وذللّ له طرقها حتى تمكن منها أين شاء وكيف شاء؟ ومن جملة تمكينه فيها أنه جعل له الليل والنهار سواء في الإضاءة ﴿ وآتيناه مِن كُلّ شَىْء ﴾ مما يتعلق بمطلوبه ﴿ سَبَباً ﴾ أي : طريقاً يتوصل بها إلى ما يريده ﴿ فَأَتْبَعَ سَبَباً ﴾ من تلك الأسباب.
قال المفسرون : والمعنى طريقاً تؤديه إلى مغرب الشمس.
قال الزجاج : فأتبع سبباً من الأسباب التي أوتي، وذلك أنه أوتي من كل شيء سبباً فأتبع من تلك الأسباب التي أوتي سبباً في المسير إلى المغرب، وقيل : أتبع من كل شيء علماً يتسبب به إلى ما يريد ؛ وقيل : بلاغاً إلى حيث أراد ؛ وقيل : من كل شيء يحتاج إليه الخلق ؛ وقيل : من كل شيء تستعين به الملوك من فتح المدائن وقهر الأعداء.
وأصل السبب : الحبل، فاستعين لكل ما يتوصل به إلى شيء.


الصفحة التالية
Icon