قيل : لأنهم بأرض لا يمكن أن يستقرّ عليها البناء ﴿ كَذَلِكَ وَقَدْ أَحَطْنَا بِمَا لَدَيْهِ خُبْراً ﴾ أي : كذلك أمر ذي القرنين أتبع هذه الأسباب حتى بلغ، وقد علمنا حين ملكناه ما عنده من الصلاحية لذلك الملك والاستقلال به ؛ وقيل : المعنى لم نجعل لهم ستراً مثل ذلك الستر الذي جعلنا لكم من الأبنية والثياب، وقيل : المعنى كذلك بلغ مطلع الشمس مثل ما بلغ من مغربها، وقيل : المعنى كذلك تطلع على قوم مثل ذلك القبيل الذي تغرب عليهم، فقضي في هؤلاء كما قضي في أولئك من تعذيب الظالمين والإحسان إلى المؤمنين، ويكون تأويل الإحاطة بما لديه في هذه الوجوه على ما يناسب ذلك كما قلنا في الوجه الأوّل.
وقد أخرج ابن أبي حاتم عن السدّي قال : قالت اليهود للنبيّ ﷺ : يا محمد إنك إنما تذكر إبراهيم وموسى وعيسى والنبيين، إنك سمعت ذكرهم منا، فأخبرنا عن نبيّ لم يذكره الله في التوراة إلا في مكان واحد، قال :" ومن هو "؟ قالوا : ذو القرنين، قال :" ما بلغني عنه شيء "، فخرجوا فرحين قد غلبوا في أنفسهم، فلم يبلغوا باب البيت حتى نزل جبريل بهؤلاء الآيات ﴿ وَيَسْأَلُونَكَ عَن ذِى القرنين ﴾.


الصفحة التالية
Icon