والسين في قول ﴿ سَأَتْلُوا عَلَيْكُم ﴾ لتحقيق الوعد كما في قوله تعالى :﴿ قال سوف أستغفر لكم ربّي ﴾ في سورة يوسف ( ٩٨ ).
وجعل خبر ذي القرنين تلاوة وذكراً للإشارة إلى أن المهم من أخباره ما فيه تذكير وما يصلح لأن يكون تلاوةً حسب شأن القرآن فإنّه يُتلى لأجل الذكر ولا يُساق مساق القصص.
وقوله مِنْهُ ذِكْراً } تنبيه على أن أحواله وأخباره كثيرة وأنهم إنما يهمهم بعض أحواله المفيدة ذكراً وعظة.
ولذلك لم يقل في قصة أهل الكهف : نحن نقصّ عليك من نبئهم، لأن قصتهم منحصرة فيما ذكر، وأحوال ذي القرنين غير منحصرة فيما ذكر هنا.
وحرف ( من ) في قوله ﴿ مِنْهُ ذِكْراً ﴾ للتبعيض باعتبار مضاف محذوف، أي من خبره.
والتمكين : جعل الشيء متمكناً، أي راسخاً، وهو تمثيل لقوّة التصرف بحيث لا يزعزع قوته أحد.
وحق فعل ( مكنّا ) التعدية بنفسه، فيقال : مكّناه في الأرض كقوله ﴿ مكناهم في الأرض ما لم نمكن لكم ﴾ [ الأنعام : ٦ ].
فاللام في قوله : مَكَّنَّا لَهُ في الأَرْضِ } للتوكيد كاللام في قولهم : شكرت له، ونصحت له، والجمْع بينهما تفنن.
وعلى ذلك جاء قوله تعالى :﴿ مكناهم في الأرض ما لم نمكن لكم ﴾ [ الأنعام : ٦ ].
فمعنى التمكين في الأرض إعطاء المقدرة على التصرف.
والمراد بالأرض أهل الأرض، والمراد بالأرض أرض معينة وهي أرض مُلكه.
وتقدم عند قوله تعالى :﴿ وكذلك مكنا ليوسف في الأرض ﴾ [ يوسف : ٥٦ ].
والسبب : حقيقته الحبل، وأطلق هنا على ما يتوسل به إلى الشيء من علم أو مقدرة أو آلات التسخير على وجه الاستعارة كقوله تعالى :﴿ وتقطعت بهم الأسباب ﴾ في سورة البقرة ( ١٦٦ ).
وكُلّ شَيْءٍ } مستعمل هنا في الأشياء الكثيرة كما تقدم في نظائره غير مرة منها قوله تعالى :﴿ ولو جاءتهم كل آية ﴾ [ يونس : ٩٧ ] أي آتيناه وسائل أشياء عظيمة كثيرة.
﴿ فَأَتْبَعَ سَبَبًا (٨٥) ﴾
السبب : الوسيلة.


الصفحة التالية
Icon