وبتأمّل الإجابة على هذه الأسئلة تجد منها واحدةً يأتي الجواب مباشرة دون ﴿ قُلْ ﴾ وهي في قوله تعالى :﴿ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الداع.. ﴾ [ البقرة : ١٨٦ ] وواحدة وردتْ مقرونة بالفاء ﴿ فَقُلْ ﴾ وهي قوله تعالى :﴿ وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الجبال فَقُلْ يَنسِفُهَا رَبِّي نَسْفاً.. ﴾ [ طه : ١٠٥ ]
وباقي الأسئلة وردت الإجابة عليها بالفعل ﴿ قُلْ ﴾، فما الحكمة في اقتران الفعل بالفاء في هذه الآية دون غيرها؟
قالوا : حين يقول الحق سبحانه في الجواب ﴿ قُلْ ﴾ فهذه إجابة على سؤال سُئِلَهُ رسول الله بالفعل، أي : حدث فعلاً منهم، أما الفاء فقد أتتْ في الجواب على سؤال لم يُسأله، ولكنه سيُسأله مستقبلاً.
فقوله تعالى :﴿ وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الجبال.. ﴾ [ طه : ١٠٥ ] سؤال لم يحدث بَعْد، فالمعنى : إذا سألوك فَقُلْ، وكأنه احتياط لجواب عن سؤال سيقع.
فإذا قُلْتَ : فما الحكمة في أنْ يأتي الجواب في قوله تعالى :
﴿ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ.. ﴾ [ البقرة : ١٨٦ ] خالياً من : قُلْ أو فَقُلْ : مع أن ﴿ إِذَا ﴾ تقتضي الفاء في جوابها؟
نقول : لأن السؤال هنا عن الله تعالى، ويريد سبحانه وتعالى أنْ يُجيبهم عليه بانتفاء الواسطة من أحد ؛ لذلك تأتي الإجابة مباشرة دون واسطة :﴿ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ.. ﴾ [ البقرة : ١٨٦ ] قوله تعالى :﴿ وَيَسْأَلُونَكَ عَن ذِي القرنين.. ﴾ [ الكهف : ٨٣ ] أي : عن تاريخه وعن خبره والمهمة التي قام بها :﴿ قُلْ سَأَتْلُواْ عَلَيْكُم مِّنْهُ ذِكْراً ﴾ [ الكهف : ٨٣ ]