قوله :﴿ حامِيَةٍ ﴾ : قرأ ابن عامر وأبو بكر والأخَوان بالألف وياءٍ ضريحة بعد الميم. والباقون دون ألفٍ وهمزة بعد الميم. فأمَّا القراءةُ الأولى فإنها اسمُ فاعلٍ مِنْ حَمِي يَحْمِي، والمعنى : في عينٍ حارَّة. واختارها أبو عبيدٍ، قال :" لأنَّ عليها جماعةً من الصحابة " وسمَّاهم. وأمَّا الثانيةُ فهي مِنَ الحَمْأةِ وهي الطينُ.
وكان ابنُ عباس عند معاويةَ. فقرأ معاويةُ " حاميةٍ " فقال ابن عباس :" حَمِئَةٍ ". فسأل معاويةُ ابنَ عمرَ كيف تقرأ؟ فقال : كقراءةِ أمير المؤمنين. فبعث معاويةُ، فسأل كعباً فقال :" أَجِدُها تغرُب في ماءٍ وطين ". فوافق ابن عباس. وكان رجلٌ حاضرٌ هناك فأنشد قولَ تُبَّع :

٣١٩٥- فرأى مغيبَ الشمسِ عند مآبِها في عينِ ذي خُلُبٍ وثَأْطٍ حَرْمِدِ
ولا تناقضَ بين القراءتينِ ؛ لأنَّ العينَ جامعةٌ بين الوصفين : الحرارةِ وكونِها مِنْ طين.
قوله :﴿ إِمَّآ أَن تُعَذِّبَ ﴾ يجوز في ﴿ أَن تُعَذِّبَ ﴾ الرفعُ على الابتداءِ، والخبرُ محذوفٌ، أي : إمَّا تعذيبُك واقعٌ، أو الرفعُ على خبرٍ مبتدأ مضمرٍ، أي : هو تعذيبُك. والنصبُ، أي : إمَّا أَنْ تَفْعَلَ أَنْ تُعَذَّبَ.
﴿ وَأَمَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُ جَزَاءً الْحُسْنَى وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْرًا (٨٨) ﴾
قوله :﴿ جَزَآءً الحسنى ﴾ : قرأ الأخوان وحفصٌ بنصب " جزاءً " وتنوينِه. والباقون برفعِه مضافاً. فالنصبُ على المصدر المؤكِّد لمضمونِ الجملة، فتُنْصَبُ بمضمرٍ أو مؤكِّدٍ لعاملٍ مِنْ لفظِه مقدرٍٍ، أي : يَجْزِي جزاء. وتكونُ الجملةُ معترضةً بين المبتدأ وخبرِه المقدَّمِ عليه. وقد يُعْترض على الأولِ : بأنَّ المصدرَ المؤكِّدَ لمضمونِ جملةٍ لا يتقدَّمُ عليها، فكذا لا يَتَوسَّط. وفيه نظرٌ يحتمل الجوازَ والمنعَ، وهو إلى الجوازِ أقربُ.


الصفحة التالية
Icon