الإفساد المعلوم من البشر، وهذا أظهر الأقوال، لأن الطائفة الشاكية إنما تشكت من ضرر قد نالها، وقولهم ﴿ فهل نجعل لك خرجاً ﴾ استفهام على جهة حسن الأدب، و" الخرج " : المجبي، وهو الخراج، وقال فوم : الخرج : المال يخرج مرة، والخراج المجبي المتكرر، فعرضوا عليه أن يجمعوا له أموالاً يقيم بها أمر السد، قال ابن عباس ﴿ خرجاً ﴾ : أجراً وقرأ ابن كثير وأبو عمرو وعاصم " خرجاً " وقرأ حمزة والكسائي " خراجاً " وهي قراءة طلحة بن مصرف والأعمش والحسن بخلاف عنه وروي في أمر ﴿ يأجوج ومأجوج ﴾ أن أرزاقهم هي من التنين يمطرونها، ونحو هذا مما لم يصح، وروي أيضاً أن الذكر منهم لا يموت حتى يولد له ألف، والأنثى لا تموت حتى تخرج من بطنها ألف، فهم لذلك إذا بلغوا العدد ماتوا، ويروى أنهم يتناكحون في الطرق كالبهائم، وأخبارهم تضيق بها الصحف، فاختصرتها لضعف صحتها وقوله ﴿ قال ما مكني ﴾ الآية، المعنى قال لهم ذو القرنين : ما بسطه الله لي من القدرة والملك، خير من خرجكم وأموالكم، ولكن أعينوني بقوة الأبدان، ويعمل منكم بالأيدي، وقرأ ابن كثير " ما مكنني " بنونين، وقرأ الباقون " ما مكني " بإدغام النون الأولى في الثانية، وهذا من تأييد الله تعالى لذي القرنين، فإنه " تهدما " في هذه المحاورة إلى الأنفع الأنزه، فإن القوم، لو جمعوا له خرجاً لم يمنعه منهم أحد، ولوكلوه إلى البنيان، ومعونتهم بالقوة أجمل به، وأمر يطاول مدة العمل، وربما أربى على المخرج، و" الردم " أبلغ من السد، إذ السد كل ما سد به، و" الردم " وضع الشيء على الشيء من حجارة أو تراب أو نحوه حتى يقوم من ذلك حجاب منيع، ومنه ردم ثوبه : إذا رقعه برقاع متكاثفة، بعضها فوق بعض، ومنه قول الشاعر :[ الكامل ]
هل غادر الشعراء من متردم... أي من قول يركب بعضه على بعض. أ هـ ﴿المحرر الوجيز حـ ٣ صـ ﴾