وقال القرطبى :
قوله تعالى :﴿ ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَباً حتى إِذَا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ ﴾
وهما جبلان من قبل أرمينية وأَذْرَبِيجان.
روى عطاء الخراساني عن ابن عباس :"بين السدين" الجبلين أرمينية وأَذْرَبِيجان.
﴿ وَجَدَ مِن دُونِهِمَا ﴾ أي من ورائهما :﴿ قَوْماً لاَّ يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلاً ﴾.
وقرأ حمزة والكسائي "يُفْقِهُونَ" بضم الياء وكسر القاف من أفقه إذا أبان أي لا يفقهون غيرهم كلاماً.
الباقون بفتح الياء والقاف، أي يعلمون.
والقراءتان صحيحتان، فلا هم يفقهون من غيرهم ولا يفقِهون غيرهم.
قوله تعالى :﴿ قَالُواْ ياذا القرنين ﴾ أي قالت له أمة من الإنس صالحة :﴿ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الأرض ﴾.
قال الأخفش : من همز "يأجوج" فجعل الألفين من الأصل يقول : يأجوج يَفْعول ومأجوج مَفْعول كأنه من أجيج النار.
قال : ومن لا يهمز ويجعل الألفين زائدتين يقول :"ياجوج" من يَجَجت وماجوج من مَجَجت وهما غير مصروفين ؛ قال رؤبة :
لو أن ياجوجَ وماجوجَ مَعَا...
وَعادَ عادٌ واستجاشوا تُبَّعَا
ذكره الجوهري.
وقيل : إنما لم ينصرفا لأنهما اسمان أعجميان، مثل طالوت وجالوت غير مشتقين ؛ علتاهما في منع الصرف العجمة والتعريف والتأنيث.
وقالت فرقة : هو معرب من أَجَّ وأَجَّجَ علتاه في منع الصرف التعريف والتأنيث.
وقال أبو عليّ : يجوز أن يكونا عربيين ؛ فمن همز "يأجوج" فهو على وزن يفعول مثل يربوع، من قولك أَجَّت النارُ أي ضويت، ومنه الأجيج، ومنه ملح أجاج، ومن لم يهمز أمكن أن يكون خفف الهمزة فقلبها ألفاً مثل راس، وأما "مأجوج" فهو مفعول من أَجَّ، والكلمتان من أصل واحد في الاشتقاق ومن لم يهمز فيجوز أن يكون خفف الهمزة، ويجوز أن يكون فاعولاً من مَجَّ، وترك الصرف فيهما للتأنيث والتعريف كأنه اسم للقبيلة.
واختلف في إفسادهم ؛ فقال سعيد بن عبد العزيز : إفسادهم أكل بني آدم.


الصفحة التالية
Icon