قرأ عاصم وحمزة " ايتوني " بمعنى جيئوني، وقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وابن عامر والكسائي " آتوني " بمعنى أعطوني، وهذا كله إنما هو استدعاء إلى المناولة، لا استدعاء العطية والهبة، لأنه قد ارتبط من قوله إنه لا يأخذ منهم الخرج، فلم يبق الاستدعاء المناولة، وإعمال القوة، و" ايتوني " : أشبه بقوله : فأعينوني بقوة، ونصب " الزبر " به على نحو قول الشاعر : أمرتك الخير، حذف الجار فنصب الفعل وقرأ الجمهور " زبَر " بفتح الباء، وقرأ الحسن بضمها، وكل ذلك جمع زبرة، وهي القطعة العظيمة منه، والمعنى : فرصفه وبناه، حتى إذا ساوى بين الصدفين، فاختصر ذلك لدلالة الظاهر عليه، وقرأ الجمهور " ساوى " وقرأ قتادة " سوى "، و" الصدفان " : الجبلان المتناوحان، ولا يقال للواحد صدف وإنما يقال صدفان لاثنين لأن أحدهما يصادف الآخر، وقرأ نافع وحمزة والكسائي " الصَّدَفين " بفتح الصاد وشدها وفتح الدال، وهي قراءة عمر بن الخطاب وعمر بن عبد العزيز، وقرأ ابن كثير وابن عامر وأبو عمرو " الصُّدفين " بضم الصاد والدال، وهي قراءة مجاهد والحسن، وقرأ عاصم في رواية أبي بكر بضم الصاد وسكون الدال، وهي قراءة أبي رجاء وأبي عبد الرحمن وقرأ الماجشون " بفتح الصاد وضم الدال، وقراءة قتادة " بين الصَّدْفين "، بفتح الصاد وسكون الدال، وكل ذلك بمعنى واحد : هما الجبلان المتناوحان، وقيل " الصدفان " : السطحان الأعليان من الجبلين، وهذا نحو من الأول، وقوله ﴿ قال انفخوا ﴾ إلى آخر الآية معناه أنه كان يأمر بوضع طاقة من الزبر والحجارة، ثم يوقد عليها، حتى تحمى، ثم يؤتى بالنحاس المذاب أو الرصاص أو بالحديد، بحسب الخلاف في القطر، فيفرغه، على تلك الطاقة المنضدة، فإذا التأم واشتد استأنف وصف طاقة أخرى، إلى أن استوى العمل، وقرأ بعض الصحابة :" بقطر أفرغ عليه "، وقال أكثر المفسرين :" القطر " : النحاس المذاب، ويؤيد هذا