أي : من قول يركب بعضه على بعض.
﴿ آتوني زُبَرَ الحديد ﴾ أي : أعطوني وناولوني، وزبر الحديد : جمع زبرة، وهي القطعة.
قال الخليل : الزبرة من الحديد : القطعة الضخمة.
قال الفراء : معنى ﴿ آتوني زُبَرَ الحديد ﴾ ائتوني بها فلما ألقيت الياء زيدت ألفاً، وعلى هذا فانتصاب ﴿ زبر ﴾ بنزع الخافض ﴿ حتى إِذَا ساوى بَيْنَ الصدفين ﴾ والصدفان : جانبا الجبل.
قال الأزهري : يقال لجانبي الجبل صدفان : إذا تحاذيا لتصادفهما أي : تلاقيهما، وكذا قال أبو عبيدة والهروي.
قال الشاعر :
كلا الصدفين ينفده سناها... توقد مثل مصباح الظلام
وقد يقال : لكل بناء عظيم مرتفع : صدف، قاله أبو عبيدة.
قرأ نافع، وحمزة، والكسائي، وحفص :﴿ الصدفين ﴾ بفتح الصاد والدال.
وقرأ ابن كثير، وابن عامر، وأبو عمرو، ويعقوب، واليزيدي، وابن محيصن بضم الصاد والدال.
وقرأ عاصم في رواية أبي بكر بضم الصاد وسكون الدال.
وقرأ ابن الماجشون بفتح الصاد وضم الدال، واختار القراءة الأولى أبو عبيد لأنها أشهر اللغات.
ومعنى الآية : أنهم أعطوه زبر الحديد، فجعل يبني بها بين الجبلين حتى ساواهما ﴿ قَالَ انفخوا ﴾ أي قال للعملة : انفخوا على هذه الزبر بالكيران ﴿ حتى إِذَا جَعَلَهُ نَاراً ﴾ أي : جعل ذلك المنفوخ فيه، وهو الزبر ناراً، أي : كالنار في حرّها وإسناد الجعل إلى ذي القرنين مجاز لكونه الآمر بالنفخ.
قيل : كان يأمر بوضع طاقة من الزبر والحجارة ثم يوقد عليها الحطب والفحم بالمنافخ حتى يتحمى، والحديد إذا أوقد عليه صار كالنار، ثم يؤتى بالنحاس المذاب فيفرغه على تلك الطاقة، وهو معنى قوله :﴿ قَالَ آتُونِى أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْراً ﴾ قال أهل اللغة : القطر : النحاس الذائب، والإفراغ : الصبّ، وكذا قال أكثر المفسرين.
وقالت طائفة : القطر الحديد المذاب.
وقالت فرقة أخرى منهم ابن الأنباري : هو الرصاص المذاب.