وقال القاسمى :
﴿ آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ ﴾
أي : ناولوني قطعه :﴿ حَتَّى إِذَا سَاوَى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ ﴾ أي : بين جانبي الجبلين :﴿ قَالَ انْفُخُوا ﴾ أي : في الأكوار والحديد :﴿ حَتَّى إِذَا جَعَلَهُ ﴾ أي : المنفوخ فيه :﴿ نَاراً ﴾ أي : كالنار بالإحماء :﴿ قَالَ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْراً ﴾ أي : نحاساً مذاباً ليلصق بالحديد، ويتدعم البناء به ويشتد.
﴿ فَمَا اسْطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ ﴾ أي : يعلوه بالصعود لارتفاعه وملاسته :﴿ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْباً ﴾ لثخنه وصلابته.
﴿ قَالَ هَذَا ﴾ أي : السد :﴿ رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي ﴾ على القاطنين عنده. لأمنهم من شر من سد عليهم به، ورحمة على غيرهم، لسد الطريق عليهم :﴿ فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي ﴾ بدحره وخرابه :﴿ جَعَلَهُ دَكَّاءَ ﴾ بالمد أي : أرضاً مستوية، وقرئ دكّاً أي : مدكوكاً مسوّاً بالأرض ﴿ وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقّاً ﴾ أي : كائناً لا محالة. وهذا آخر حكاية قول ذي القرنين.
تنبيهات :
الأول : قدمنا أنه ليس في القرآن شيء من التاريخ من حيث هو قصص وأخبار. وإنما هي الآيات والعبر والأحكام والآداب تجلت في سياق الوقائع. ولذا يجب صرف العناية إلى وجوه تلك الفوائد والثمرات، وما يستنبط من تلك الآيات. وقد أشار نبأ ذي القرنين الإسكندر إلى فوائد شتى. نذكر ما فتح علينا منها، ونكل ما لم نحط به علماً إلى العليم الخبير.


الصفحة التالية
Icon