القرنين كان هو في العين الحمئة والحامية، حين انتهى إلى آخر البر في المغارب. لا سيما مع ما قام البرهان عليه، من أن جرم الشمس أكبر من جرم الأرض. وبرهان آخر قاطع وهو قوله تعالى :﴿ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ وَوَجَدَ عِنْدَهَا قَوْماً ﴾ فصح ضرورة أنه وجد القوم عند العين لا عند الشمس. انتهى كلام ابن حزم.
التنبيه السابع : قال الرازيّ : الأظهر أن موضع السّدين في ناحية الشمال. وقيل : جبلان بين أرمينية وأذربيجان. وقيل : هذا المكان في منقطع أرض الترك.
وحكى محمد بن جرير الطبريّ في " تاريخه " أن صاحب أذربيجان، أيام فتحها، وجه إنساناً إليه من ناحية الخَزَر. فشاهده ووصف أنه بنيان رفيع، وراء خندق عميق وثيق منيع.
وذكر ابن خرداد في كتاب " المسالك والممالك " أن الواثق بالله رأى في المنام كأنه فتح هذا الردم، فبعث بعض الخدم إليه ليعاينوه. فخرجوا من باب الأبواب حتى وصلوا إليه وشاهدوه. فوصفوا أنه بناء من لبن من حديد، مشدود بالنحاس المذاب، وعليه باب مقفل. ثم إن ذلك الإنسان، لما حاول الرجوع، أخرجهم الدليل على البقاع المحاذية لسمرقند.
قال أبو الريحان : مقتضى هذا أن موضعه في الربع الشماليّ الغربيّ من المعمورة. والله أعلم بحقيقة الحال. انتهى كلام الرازيّ.