واختلف في وجه تسميته بذي القرنين، فقيل : لأنه بلغ قَرني الشمس مشرِقَها ومغربَها، وقيل : لأنه ملَك الرومَ وفارسَ، وقيل : الرومَ والتركَ، وقيل : لأنه كان في رأسه أو في تاجه ما يشبه القرنين، وقيل : كان له ذؤابتان، وقيل : لأنه كانت صفحتا رأسِه من النحاس، وقيل : لأنه دعا الناس إلى الله عز وجل فضَرب بقرنه الأيمنِ فمات ثم بعثه الله تعالى فضَرب بقرنه الأيسرِ فمات ثم بعثه الله تعالى، وقيل : لأنه رأى في منامه أنه صعِد الفَلكَ فأخذ بقرني الشمس، وقيل : لأنه انقرض في عهده قَرنان، وقيل : لأنه سُخّر له النورُ والظلمة فإذا سرَى يهديه النورُ من أمامه وتحوطه الظلمةُ ورائه، وقيل : لُقّب به لشجاعته.
هذا وأما ذو القرنين الثاني فقد قال ابن كثير : إنه الإسكندر بنُ فيلبسَ بنِ مصريمَ بنِ هُرمُسَ بنِ ميطونَ بنِ رومي بن ليطى بن يونان بن يافثَ بن نونه بن شرخونَ بن روميةَ بن ثونط بن نوفيلَ بن رومي بن الأصفرِ بن العنرِ بن العيصِ بن إسحاقَ بنِ إبراهيمَ الخليلِ عليهما الصلاة والسلام، كذا نسبه ابنُ عساكرَ المقدونيُّ اليوناني المصريُّ باني الإسكندريةِ الذي يؤرِّخ بأيامه الرومُ، وكان متأخراً عن الأول بدهر طويلٍ أكثرَ من ألفي سنة، كان هذا قبل المسيح عليه السلام بنحو من ثلثمائة سنة وكان وزيرُه أرسطاطاليس الفيلسوفَ وهو الذي قتل دارا بنَ دارا وأذلّ ملوكَ الفرس ووطِىء أرضهم. ثم قال ابن كثير : وإنما بيّنا هذا لأن كثيراً من الناس يعتقد أنهما واحدٌ، وأن المذكورَ في القرآن العظيم هو هذا المتأخرُ فيقع بذلك خطأ كبير وفساد كثيرٌ، كيف لا والأولُ كان عبداً صالحاً مؤمناً وملكاً عادلاً وزيرُه الخضرُ عليه الصلاة والسلام، وقد قيل : إنه كان نبياً. وأما الثاني فقد كان كافراً وزيرُه أرسطاطاليس الفيلسوفُ وقد كان ما بينهما من الزمان أكثرَ من ألفي سنة فأين هذا من ذلك؟ انتهى.


الصفحة التالية
Icon