وتعقب بأنه على تسليم ذلك لا يحسم مادة الإشكال لأن الله تعالى لا يكاد يعظم من حكمه حكم أهل الفترة مثل هذا التعظيم الذي دلت عليه الآيات والأخبار، وأيضاً الثالث في التواريخ أن الإسكندر المذكور كان أرسطو بمنزلة الوزير عنده وكان يستشيره في المهمات ويعمل برأيه ولم يذكر فيها أنه اجتمع مع الخضر عليه السلام فضلاً عن اتخاذه إياه وزيراً كما هو المشهور في ذي القرنين.
واعترض أيضاً بأن اسكندر المذكور لم يتحقق له سفر نحو المغرب في كتب التواريخ المعتبرة وقد نبه على ذلك كاتب جلبي عليه الرحمة، وقيل : هو الإسكندر الرومي وهو متقدم على اليوناني بكثير ويقال له : ذو القرنين الأكبر، واسمه قيل : مرزبان بن مردبة من ولد يافث بن نوح عليه السلام وكان أسود، وقيل : اسمه عبد الله بن الضحاك، وقيل : مصعب بن عبد الله بن قينان بن منصور بن عبد الله بن الأزد بن عون بن زيد بن كهلان بن سبا بن يعرب بن قحطان، وجعل بعضهم هذا الخلاف في اسم ذي القرنين اليوناني بعد أن نقل القول بأن اسمه الإسكندر بن فيلقوس، وذكر في اسم الرومي ونسبه ما نقل اسبقاً عن ابن كثير.
وذهب بعض المحققين إلى أن الإسكندر اليوناني والإسكندر الرومي كلاهما يطلقان على غالب دارا الأصغر والتاريخ المشهور بالتاريخ الرومي ويسمى أيضاً السرياني والعجمي ينسب إليه في المشهور وأوله شروق يوم الاثنين من أول سنة من سني ولايته عند ابن البناء ومن أول السنة السابعة وهي سنة خروجه لتملك البلاد كما في زيج الصوفي أو من أول السنة التي مات فيها كما في المبادىء والغايات، وبعض المحققين ينسبه إلى سولونس بن الطبوخوس الذي أمر ببناء انطاكية وهو الذي صححه ابن أبي الشكر، وتوقف بعضهم كالغ بك عن نسبته إلى أحدهما لتعارض الأدلة، ونفى بعضهم أن يكون في الزمن المتقدم بين الملوك اسكندران.