ورأيت في بعض الكتب القول بأن ذا القرنين ملك بعد نمرود وينحل به الإشكال.
وقال بعضهم : الذي تقتضيه كتب التواريخ عدم صحة الخبر أو تأويله إذ ليس في شيء منها عموم ملك سليمان عليه السلام أو ملك نمرود أو بختنصر والظاهر عدم الصحة.
واستشكل أيضاً كونه في ذلك الزمان بأنه لم يذكر في التوراة كما يدعيه اليهود اليوم كافة ويبعد ذلك غاية البعد على تقدير وجوده فالظاهر من عدم ذكره عدم كونه موجوداً.
وأجيب بأنا لا نسلم عدم ذكره، فقد أخرج ابن أبي حاتم عن السدي أن اليهود قالوا للنبي ﷺ : يا محمد إنك إنما تذكر إبراهيم.
وموسى.
وعيسى والنبيين لأنك سمعت ذكرهم منا فأخبرنا عن نبي لم يذكره الله تعالى في التوراة إلا في مكان واحد قال : ومن هو؟ قالوا : ذو القرنين الخبر بل الظاهر من سؤالهم أن له ذكراً في كتابهم وإنكارهم اليوم ذلك لا يلتفت إليه على أن ما ذكر في الاستشكال مجرد استبعاد ولا يخفى أنه ليس مانعاً قوياً، هذا وبالجملة لا يكاد يسلم في أمر ذي القرنين شيء من الأقوال عن قيل وقال، وكأني بك بعد الاطلاع على الأقوال وما لها وما عليها تختار أنه الإسكندر بن فليقوس غالب دارا وتدعى أنه يقال له اليوناني كما يقال له الرومي وأنه كان مؤمناً بالله تعالى لم يرتكب مكفراً من عقد أو قول أو فعل وتقول إن تلمذته على أرسطو لا تمنع من ذلك :
فموسى الذي رباه جبريل كافر...
وموسى الذي رباه فرعون مرسل