وفي الأعصار القديمة كانوا يسمون النبي حكيماً ولعله كان مشتهراً أيضاً باسم آخر وعدم تعرض المؤرخين لشيء من ذلك لا يدل على العدم، وقيل لا نسلم عدم التعرض بل قولهم إن الخضر كان وزير ذي القرنين قول بأنه كان وزير الإسكندر المذكور عند القائل بأنه ذو القرنين ولا يمنع من ذلك كون الخضر على الأصح نبياً والإسكندر ليس كذلك كما سيأتي إن شاء الله تعالى قريباً عن الجمهور لأن المراد من وزارته له تدبير أموره ونصرته ولا ضرر في نصرة نبي وتدبيره أمور ملك صالح غير نبي وهو واقع في بني إسرائيل ؛ وإن لم تختر ما ذكر فإن اخترت أنه من ملوك اليمن أو اسكندر آخر يلزمك إما القول بأنه لم يكن في زمن إبراهيم عليه السلام وإما القول بأنه كان في زمنه بعد نمرود أو معه إلا أنه تحت إمرته ولم يكن فريدون إذ ذاك ويلزمك طي الكشح عن كتب التواريخ كما يلزمك على أتم وجه لو اخترت أنه فريدون.
والأقرب عندي لإلزام أهل الملل والنحل الضالين الذين يشق عليهم نبذ كتب التواريخ وعدم الالتفات إلى ما فيها بالكلية مع كثرتها وانتشارها في مشارق الأرض ومغاربها وتباين أديان مؤلفيها واختلاف أعصارهم اختيار أنه الاسكندر بن فيلقوس غالب دارا :
وما علي إذ ما قلت معتقدي...
دع الجهول يظن الجهل عدواناً