وابن أبي حاتم من طريق عثمان بن أبي حاضر أن ابن عباس ذكر له أن معاوية قرأ ﴿ فِى عَيْنٍ حَامِيَةً ﴾ فقال له : ما نقرؤها إلا ﴿ حَمِئَةٍ ﴾ فسأل معاوية عبد الله بن عمرو كيف تقرأها؟ فقال : كما قرأتها فقلت : في بيتي نزل القرآن فأرسل إلى كعب فقال له : أين تجد الشمس تغرب في التوراة فقال كعب : سل أهل العزيمة فإنهم أعلم بها وأما أنا فإني لم أجد الشمس تغرب في التوراة في ماء وطين وأشار بيده إلى المغرب، قال ابن أبي حاضر : لو أني عندكما أيدتك بكلام تزاد به بصيرة في ﴿ حَمِئَةٍ ﴾، قال ابن عباس : وما هو؟ قلت : قول تبع فيما ذكر به ذا القرنين في كلفه بالعلم واتباعه إياه قد كان ذو القرنين إلى آخر الأبيات الثلاثة السابقة ومحل الشاهد قوله :
فرأى مغيب الشمس عند غروبها...
في عين ذي خلب وثأط حرمد
فقال ابن عباس : ما الخلب؟ قال : ابن أبي حاضر الطين بكلامهم فقال : فما الثأط؟ قال : الحمأة فقال : فما الحرمد؟ قال : الأسود فدعا ابن عباس غلاماً فقال : أكتب ما يقول هذا الرجل ولا يخفى أنه ليس بين القراءتين منافاة قطعية لجواز كون العين جامعة بين الوصفين بأن تكون ذات طين أسود وماؤها حار ولجواز كون القراءة بالياء أصلها من المهموز قلبت همزته ياء لإنكسار ما قبلها وإن كان ذلك إنما يطرد إذا كانت الهمزة ساكنة كذا قيل.
وتعقب بأنه يأباه ما جرى بين ابن عباس.
ومعاوية.
وأجيب بأنه إذا سلم صحته فمبناه السماع والتحكيم لترجيح إحدى القراءتين، وظاهر ما سمعت ترجيح قراءة ابن عباس رضي الله تعالى عنهما، وكأن رجوع معاوية لقراءة ابن عباس على ما ذكره القرطبي كان لذلك.
نعم ما أخرجه ابن أبي شيبة.
وعبد بن حميد.
وابن المنذر.
وابن مردويه.
والحاكم.