المعنى : قل لهؤلاء الكفرة على جهة التوبيخ : هل نخبركم بالذين خسروا عملهم وضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم مع ذلك يظنون أنهم يحسنون فيما يصنعونه فإذا طلبوا ذلك، فقل لهم :﴿ أولئك الذين كفروا بآيات ربهم ولقائه ﴾، وقرأ ابن وثاب " قل سننبئكم "، وهذه صفة المخاطبين من كفار العرب المكذبين، بالبعث، و" حبطت " معناه : بطلت، و﴿ أعمالهم ﴾ : يريد ما كان لهم من عمل خير، وقوله ﴿ فلا نقيم لهم يوم القيامة وزناً ﴾ يحتمل أن يريد أنه لا حسنة لهم توزن في موازين القيامة، ومن لا حسنة له فهو في النار لا محالة، ويحتمل أن يريد المجاز والاستعارة، كأنه قال فلا قدر لهم عندنا يومئذ، فهذا معنى الآية عندي، وروى أبو هريرة عن النبي ﷺ قال " يؤتى بالأكول الشروب الطويل فلا يزن بعضوة " ثم يقرأ ﴿ فلا نقيم لهم يوم القيامة وزناً ﴾ وقالت فرقة : إن الاستفهام تم في قوله ﴿ أعمالاً ﴾ ثم قال : هم ﴿ الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا، وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً ﴾ فقال سعد بن أبي وقاص هم عباد اليهود والنصارى، وأهل الصوامع والديارات، وقال علي بن أبي طالب هم الخوارج، وهذا إن صح عنه، فهو على جهة مثال فيمن ضل سعيه في الحياة الدنيا وهو يحسب أنه يحسن وروي أن ابن الكواء سأله عن ﴿ الأخسرين أعمالاً ﴾ فقال له أنت وأصحابك، ويضعف هذا كله قوله تعالى بعد ذلك ﴿ أولئك الذين كفروا بآيات ربهم ولقائه ﴾ وليس من هذه الطوائف من يكفر بلقاء الله، وإنما هذه صفة مشركي عبدة الأوثان، فاتجه بهذا ما قلناه أولاً وعلي وسعد رضي الله عنهما ذكرا أقواماً أخذوا بحظهم من صدر الآية، وقوله ﴿ أعمالاً ﴾ نصب على التمييز، وقرأ الجمهور " فحبِطت " بكسر الباء، وقرأ ابن عباس وأبو السمال " فحبَطت " بفتح الباء، وقرأ كعب بن عجرة والحسن وأبو عمرو ونافع والناس " فلا نقيم لهم " بنون العظمة، وقرأ مجاهد " فلا يقيم "، بياء الغائب، يريد


الصفحة التالية
Icon