وقال أبو حيان :
﴿ قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا (١٠٣) ﴾
أي ﴿ قل ﴾ يا محمد للكافرين هل نخبركم الآية فإذا طلبوا ذلك فقل لهم ﴿ أولئك الذين كفروا ﴾ والأخسرون أعمالاً عن عليّ هم الرهبان كقوله ﴿ عاملة ناصبة ﴾ وعن مجاهد : هم أهل الكتاب.
وقيل : هم الصابئون.
وسأل ابن الكواء علياً عنهم فقال : منهم أهل حروراء.
وينبغي حمل هذه الأقوال على التمثيل على الحصر إذ الأخسرون أعمالاً هم كل من دان بدين غير الإسلام، أو راءى بعمله، أو أقام على بدعة تؤول به إلى الكفر والأخسر من أتعب نفسه فأدى تعبه به إلى النار.
وانتصب ﴿ أعمالاً ﴾ على التمييز وجمع لأن أعمالهم في الضلال مختلفة وليسوا مشتركين في عمل واحد و﴿ الذين ﴾ يصح رفعه على أنه خبر مبتدإِ محذوف، أي هم ﴿ الذين ﴾ وكأنه جواب عن سؤال، ويجوز نصبه على الذمّ وخبره على الوصف أو البدل ﴿ ضل سعيهم ﴾ أي هلك وبطل وذهب و﴿ يحسبون ﴾ و﴿ يحسنون ﴾ من تجنيس التصحيف وهو أن يكون النقط فرقاً بين الكلمتين.
ومنه قول أبي عبادة البحتري :
ولم يكن المغتر بالله إذ سرى...
ليعجز والمعتز بالله طالبه
ومن غريب هذا النوع من التجنيس.
قال الشاعر :
سقينني ربي وغنينني...
بحت بحبي حين بنّ الخرد
صحف بقوله سقيتني ربي وغنيتني بحب يحيى حين بن الجرد.
وقرأ ابن عباس وأبو السمال ﴿ فحبطت ﴾ بفتح الباء والجمهور بكسرها.
وقرأ الجمهور ﴿ فلا نقيم ﴾ بالنون ﴿ وزناً ﴾ بالنصب ومجاهد وعبيد بن عمير فلا يقيم بالياء لتقدم قوله ﴿ بآيات ربهم ﴾ وعن عبيد أيضاً يقوم بفتح الياء كأنه جعل قام متعدياً.
وعن مجاهد وابن محيصن ويعقوب بخلاف عنهم : فلا يقوم مضارع قام وزن مرفوع به.
واحتمل قوله ﴿ فلا نقيم ﴾ إلاّ به أنهم لا حسنة لهم توزن في موازين القيامة، ومن لا حسنة له فهو في النار.
واحتمل أن يريد المجاز كأنه قال : فلا قدر لهم عندنا يومئذ.