وقال أبو حيان :
و﴿وتركنا ﴾ هذا الضمير لله تعالى والأظهر أن الضمير في ﴿ بعضهم ﴾ عائد على يأجوج ومأجوج، والجملة المحذوفة بعد إذ المعوض منها التنوين مقدرة بإذ جاء الوعد وهو خروجهم وانتشارهم في الأرض أو مقدرة بإذ حجز السد بينهم وبين القوم الذين كانوا يفسدون عندهم وهم متعجبون من السد فماج بعضهم في بعض.
وقيل : الضمير في ﴿ بعضهم ﴾ يعود على الخلق أي يوم إذ جاء وعد الله وهو يوم القيامة ويقويه قوله ﴿ ونفخ في الصور ﴾ فيظهر أن ذلك هو يوم القيامة، وكذلك ما جاء بعده من الجمع وعرض جهنم وتقدم الكلام على النفخ في الصور في سورة الأنعام.
و﴿ جمعاً ﴾ مصدر كموعد ﴿ وعرضنا ﴾ أي أبرزنا ﴿ جهنم يومئذ ﴾ أي يوم إذ جمعناهم.
وقيل : اللام بمعنى على كقوله :
فخر صريعاً لليدين وللفم...
وأبعد من ذهب إلى أنه مقلوب.
والتقدير وعرضنا الكافرين على جهنم ﴿ عرضاً ﴾ وتخصيصه بالكافرين بشارة للمؤمنين.
و﴿ الذين كانت أعينهم ﴾ صفة ذم في ﴿ غطاءٍ ﴾ استعار الغطاء لأعينهم، والمراد أنهم لا يبصرون آياتي التي ينظر إليها فيعتبر بها، واذكر بالتعظيم وهذا على حذف مضاف أي عن آيات ﴿ ذكري ﴾.
وقيل ﴿ عن ذكري ﴾ عن القرآن وتأمل معانيه، ويكون المراد بالأعين هنا البصائر لا الجوارح لأن الجوارح لا نسبة بينها وبين الذكر ﴿ وكانوا لا يستطيعون سمعاً ﴾ مبالغة في انتفاء السمع إذ نفيت الاستطاعة، وهم وإن كانوا صماً لأن الأصم قد يستطيع السمع إذا صيح به، وكان هؤلاء أصمت أسماعهم فلا استطاعة بهم للسمع ﴿ أفحسب الذين كفروا ﴾ هم من عبد الملائكة وعزيراً والمسيح واتخذوهم أولياء من دون الله وهم بعض العرب واليهود والنصارى، وهو استفهام فيه معنى الإنكار والتوبيخ، والمعنى أنهم ليس لهم من ولاية هؤلاء الذين تولوهم شيء، ولا يجدون عندهم منتفعاً ويظهر أن في الكلام حذفاً والتقدير ﴿ أن يتخذوا عبادي من دوني أولياء ﴾ فيجدي ذلك وينتفعون بذلك الاتخاذ.


الصفحة التالية