ولما كان كل شيء دونه سبحانه، وكان لا يستغرق شيء من الأشياء جميع ما دون رتبته من المراتب، أثبت الجار فقال :﴿من دوني أولياء﴾ أي مبتدئين اتخاذهم من دون إذني، والمفعول الثاني ل ﴿حسب﴾ محذوف تقديره : ينصرونهم ويدفعون عنهم ويجعلون بعضهم ولداً ولا أعذبهم.
ولما كانت غاية اتخاذ الولي أن يفعل ما يفعل القريب من النصر والحماية من كل مؤذ، جاز كون هذا ساداً مسد مفعولي ﴿حسب﴾ لأن معناه : أحسبوا اتخاذهم مانعهم مني؟ ولما كان معنى الاستفهام الإنكاري : ليس الأمر كذلك، بل أصلد زندهم، وخاب جدهم، وغاب سعدهم، حسن جداً قوله مؤكداً لأجل إنكارهم :﴿إنا اعتدنا جهنم﴾ التي تقدم أنا عرضناها لهم ﴿للكافرين نزلاً﴾ نقدمها لهم أول قدومهم كما يعجل للضيف، فلا يقدر أحد على منعها عنهم، ولهم وراءها ما يحتقر بالنسبة إليه كما هو شأن ما بعد النزل بالنسبة إليه. أ هـ ﴿نظم الدرر حـ ٤ صـ ٥٠٨ ـ ٥٠٩﴾