اعلم أنه تعالى لما بين من حال الكافرين أنهم أعرضوا عن الذكر وعن استماع ما جاء به الرسول أتبعه بقوله :﴿أَفَحَسِبَ الذين كَفَرُواْ أَن يَتَّخِذُواْ عِبَادِى مِن دُونِى أَوْلِيَاء﴾ والمراد أفظنوا أنهم ينتفعون بما عبدوه مع إعراضهم عن تدبر الآيات وتمردهم عن قبول أمره وأمر رسوله وهو استفهام على سبيل التوبيخ.
المسألة الثانية :
قرأ أبو بكر ولم يرفعه إلى عاصم :﴿أَفَحَسِبَ الذين كَفَرُواْ﴾ بسكون السين ورفع الباء.
وهي من الأحرف التي خالف فيها عاصماً، وذكر أنه قراءة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، وعلى هذا التقدير فقوله : حسب مبتدأ، أن يتخذوا خبر، والمعنى أفكافيهم وحسبهم أن يتخذوا كذا وكذا، وأما الباقون فقرأوا فحسب على لفظ الماضي، وعلى هذا التقدير ففيه حذف والمعنى : أفحسب الذين كفروا اتخاذ عبادي أولياء نافعاً.
المسألة الثالثة :
في العباد أقوال قيل : أراد عيسى والملائكة، وقيل : هم الشياطين يوالونهم ويطيعونهم، وقيل : هي الأصنام سماهم عباداً كقوله :﴿عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ﴾، ثم قال تعالى :﴿إِنَّا أَعْتَدْنَا جَهَنَّمَ للكافرين نُزُلاً﴾ وفي النزل قولان : الأول : قال الزجاج إنه المأوى والمنزل.
والثاني : أنه الذي يقام للنزيل وهو الضيف، ونظيره قوله :﴿فَبَشّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ﴾. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٢١ صـ ١٤٧ ـ ١٤٨﴾