وقوله : عقيب هذه الآية :﴿وَلاَ تَشْتَرُواْ بآياتي ثَمَنًا قَلِيلاً﴾ لا يدل على إباحة ذلك بالثمن الكثير، فكذا ههنا، بل المقصود من هذه السياقة استعظام وقوع الجحد والإنكار ممن قرأ في الكتب نعت رسول الله ﷺ صفته.
ورابعها : قال المبرد : هذا الكلام خطاب لقوم خوطبوا به قبل غيرهم فقيل لهم لا تكفروا بمحمد فإنه سيكون بعدكم الكفار فلا تكونوا أنتم أول الكفار لأن هذه الأولية موجبة لمزيد الإثم وذلك لأنهم إذا سبقوا إلى الكفر فإما أن يقتدي بهم غيرهم في ذلك الكفر أو لا يكون كذلك.
فإن اقتدى بهم غيرهم في ذلك الكفر كان لهم وزر ذلك الكفر ووزر كل من كفر إلى يوم القيامة، وإن لم يقتد بهم غيرهم اجتمع عليهم أمران، أحدهما : السبق إلى الكفر، والثاني : التفرد به، ولا شك في أنه منقصة عظيمة، فقوله :﴿وَلاَ تَكُونُواْ أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ﴾ إشارة إلى هذا المعنى. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٣ صـ ٣٩ ـ ٤٠﴾
وقال ابن عاشور :
﴿وَلاَ تكونوا أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ﴾.
جمع الضمير في ﴿تكونوا﴾ مع إفراد لفظ ﴿كافر﴾ يدل على أن المراد من الكافر فريق ثبت له الكفر لا فرد واحد فإضافة ﴿أول﴾ إلى ﴿كافر﴾ بيانية تفيد معنى فريق هو أول فرق الكافرين.
والضمير المجرور في ﴿به﴾ ظاهره أنه عائد إلى ﴿ما أنزلت﴾ لأنه المقصود.


الصفحة التالية
Icon