وشرط إيجاب حكم الكل قد حصلا
إن كان شأنكم التقوى فغيركم...
قد باء بالفسق حتى عنه ما عدلا
وإن يكن عكسه فالأمر منعكس...
قولوا بحق فإن الحق ما اعتزلا
فيقال إن أهل مصر أجابوه بأبيات منها :
ما كان من شيم الأبرار أن يسموا...
بالفسق شيخَاً على الخيرات قد جبلا
لا لا ولكن إذا ما أبصروا خللا...
كسوه من حسن تأويلاتهم حللا
أليس قد قال في " المنهاج" صاحبُه...
يسوغ ذاك لمن قد يختشى زللا
ومنها :
وقد رويْتَ عن ابن القاسم العُتَقي...
فيما اختصرت كلاماً أوضح السبلا
ما إن ترد شهادة لتاركها...
إن كان بالعلم والتقوى قد احتفلا
نعم وقد كان في الأعلين منزلةً...
من جانب الجمع والجمعات واعتزلا
كمالِككٍ غير مبد فيه معذرةً...
إلى الممات ولم يُسأل وما عُذلا
هذا وإن الذي أبداه متجهاً...
أخذ الأئمة أجراً منعه نقلا
وهبك أنك راءٍ حله نظراً...
فما اجتهادك أولى بالصواب ولا
هكذا نسبت هذه الأبيات في بعض كتب التراجم للمغاربة أنها وردت من أهل مصر وقد قيل إنها نظمها بعض أهل تونس انتصاراً للدكالي ذكر ذلك الخفاجي في " طراز المجالس"، وقال إن المجيب هو أبو الحسن علي السلمي التونسي وذكر أن السراج البلقيني ذكر هاته الواقعة في " فتاواه" وذكر أن والده أجاب في المسألة بأبيات لامية انظرها هناك.
﴿وإياى فاتقون﴾.
القول فيه كالقول في ﴿وإياي فارهبون﴾ إلا أن التعبير في الأولى بارهبون وفي الثاني باتقون لأن الرهبة مقدِّمة التقوى إذ التقوى رهبة معتبر فيها العمل بالمأمورات واجتناب المنهيات بخلاف مطلق الرهبة فإنها اعتقاد وانفعال دون عمل، ولأن الآية المتقدمة تأمرهم بالوفاء بالعهد فناسبها أن يخوفوا من نكثه، وهذه الآية تأمرهم بالإيمان بالقرآن الذي منعهم منه بقية دهمائهم فناسبها الأمر بأن لا يتقوا إلا الله.
وللتقوى معنى شرعي تقدم في قوله تعالى :﴿هدى للمتقين﴾ وهي بذلك المعنى أخص لا محالة من الرهبة ولا أحسب أن ذلك هو المقصود هنا.
والقول في حذف ياء المتكلم من قوله :﴿فاتقون﴾ نظير القول فيه من قوله :﴿وإياي فارهبون﴾. أ هـ ﴿التحرير والتنوير حـ ١ صـ ٤٤٧ ـ ٤٥٤﴾


الصفحة التالية
Icon