جواب ثان : وهو أن تكون الآية فيمن تعيّن عليه التعليم فأبى حتى يأخذ عليه أجراً.
فأما إذا لم يتعيّن فيجوز له أخذ الأجرة بدليل السُّنّة في ذلك، وقد يتعيّن عليه إلا أن ليس عنده ما ينفقه على نفسه ولا على عياله فلا يجب عليه التعليم وله أن يقبل على صنعته وحرفته.
ويجب على الإمام أن يعين لإقامة الدِّين إعانته، وإلا فعلى المسلمين ؛ لأن الصدّيق رضي الله عنه لما ولي الخلافة وعُيّن لها لم يكن عنده ما يقيم به أهله، فأخذ ثياباً وخرج إلى السوق ؛ فقيل له في ذلك، فقال : ومن أين أنفق على عيالي! فردّوه وفرضوا له كفايته.
وأما الأحاديث فليس شيء منها يقوم على ساق، ولا يصح منها شيء عند أهل العلم بالنقل.
أما حديث ابن عباس فرواه سعيد ابن طَريف عن عكرمة عنه ؛ وسعيد متروك.
وأما حديث أبي هريرة فرواه عليّ بن عاصم عن حماد بن سَلَمة عن أبي جرهم عنه ؛ وأبو جرهم مجهول لا يعرف، ولم يرو حماد بن سَلَمة عن أحد يقال له أبو جرهم، وإنما رواه عن أبي المُهَزِّم وهو متروك الحديث أيضاً، وهو حديث لا أصل له.
وأما حديث عُبَادة بن الصامت فرواه أبو داود من حديث المغيرة بن زياد الموصليّ عن عبادة بن نُسيّ عن الأسود بن ثعلبة عنه ؛ والمغيرة معروف عند أهل العلم ولكنه له مناكير، هذا منها ؛ قاله أبو عمر.
ثم قال : وأما حديث القوس فمعروف عند أهل العلم ؛ لأنه روي عن عبادة من وجهين، وروي عن أبَيّ بن كعب من حديث موسى بن عليّ عن أبيه عن أُبِيّ، وهو منقطع.
وليس في الباب حديث يجب العمل به من جهة النقل، وحديث عبادة وأُبَي يحتمل التأويل ؛ لأنه جائز أن يكون علّمه لله ثم أخذ عليه أجراً.