والوجه الثاني : أن يكون التقدير : وتنبّهوا فارهبون، ثم قدّم المفعول فانفصل، وأتى بالفاء حين قدّم المفعول، وفعل الأمر الذي هو " تنبهوا " محذوف، فالتقى بعد حذفه الواو والفاء، يعني : فصار التقدير :" وفإياي ارهبوا "، فقدم المفعول على الفاء إصلاحاً للفظ، فصار :" وإيّاي فارهبوا "، ثم أعيد المفعول على سبيل التَّأكيدن ولتكمل الفاصلة، وعلى هذا في " إياي " منصوب بما بعده لا بفعل محذوف، ولا يبعد تأكيد المنفصل بالمتّصل، كما لا يمتنع تأكيد المتصل بالمنفصل.
و" الرَّهَبُ " و" الرَّهْب "، و" الرَّهْبَة " : الخوف، مأخوذ من الرّهَابة، وهي عظم في الصدر يؤثر فيه الخوف، وسقطت " الياء " بعد " النون " ؛ لأنها رأس فاصلة.
وقرأ ابن أبي إسحاق :" فأرْهَبُوني " بالياء، وكذا :﴿فاتقون﴾ [ البقرة : ٤١ ] على الأصل.
ويجوز في الكلام " وأنا فارهبون " على الابتداء والخير.
وكون " فارهبون " الخبر على تقدير الحذف كان المعنى :" وأنا ربكم فارهبون ". ذكره القُرْطبي. أ هـ ﴿تفسير ابن عادل حـ ٢ صـ ٣ ـ ١٣﴾. باختصار.
من لطائف الإمام القشيرى فى الآية
قال عليه الرحمة :
قوله جلّ ذكره :﴿يَا بَنِى إسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِىَ الَّتِى أنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ﴾.
حقيقة النعمة على لسان العلماء لذة خالصة عن الشوائب، وما يوجب مثلها فهي أيضاً عندهم نعمة، وعند أهل الحقيقة النعمة ما أشهدك المُنْعم أو ما ذكرَّك بالمنعم أو ما أوصلك إلى المنعم أو ما لم يحجبك عن المنعم.
وتنقسم إلى نعمة أَبشار وظواهر، ونعمة أرواح وسرائر، فالأولى وجوه الراحات والثانية صنوف المشاهدات والمكاشفات. فمن النعم الباطنة عرفان القلوب ومحاب الأرواح ومشاهدات السرائر.


الصفحة التالية
Icon