وقال ابن عطية :
﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلًا (١٠٧) ﴾
لما فرغ من ذكر الكفرة والأخسرين أعمالاً الضالين، عقب بذكر حالة المؤمنين ليظهر التباين، وفي هذا بعث النفوس على اتباع الحسن القويم، واختلف المفسرون في ﴿ الفردوس ﴾ فقال قتادة إنه أعلى الجنة وربوتها، وقال أبو هريرة إنه جبل تنفجر منه أنهار الجنة، وقال أبو أمامة، إنه سرة الجنة، ووسطها، وروى أبو سعيد الخدري أنه تنفجر منه أنهار الجنة، وقال عبد الله بن الحارث بن كعب إنه جنات الكرم والأعناب خاصة من الثمار، وقاله كعب الأحبار، واستشهد قوم لذلك بقول أمية بن أبي الصلت :[ البسيط ]
كانت منازلهم إذ ذاك ظاهرة... فيها الفراديس والفومان والبصل
وقال الزجاج قيل إن ﴿ الفردوس ﴾ سريانية، وقيل رومية، ولم يسمع ب ﴿ الفردوس ﴾ في كلام العرب إلا في بيت حسان :[ الطويل ]
وإن ثواب الله كل موحد... جنان من الفردوس فيها يخلد
وروي عن النبي ﷺ أنه قال " إذا سألتم الله فاسألوه الفردوس "، وقالت فرقة ﴿ الفردوس ﴾ البستان بالرومية، وهذا اقتضاب القول في ﴿ الفردوس ﴾ وعيون ما قيل، وقوله ﴿ نزلاً ﴾ يحتمل الوجهين اللذين قدمناهما قبل، و" الحلول " بمعنى التحول، قال مجاهد : متحولاً، ومنه قول شصار :[ مجزوء الرجز ]
لكل دولة أجل ثم يتاح لها حول... وكأنه اسم جمع، وكأن واحده حوالة، وفي هذا نظر، وقال الزجاج عن قوم : هي بمعنى الحيلة في التنقل.


الصفحة التالية
Icon