ولما كان مقصود التي قبلها الدلالة على أنم القرآن قيم لا عوج فيه، وبه تمام الانتظام في نعمة الإبقاء الأول، ودل على ذلك بأنه ساق المؤول عنه من القصص أحسن سوق، وكشف عن مخبأته القناع أبدع كشف - إلى غير ذلك مما خلله به من بدائع الحكم وغرائب المعاني فاضحة لمن ادعى الله سبحانه ولدا، وختمها بمثل ذلك وصف الكتاب والتوحيد - النافي لقبول التعدد بولد أوغيره بكل اعتبار - والعمل الصالح، ابتدأ هذه بالكشف عن أغرب من تلك القصص، تحقيقا لآية ( أم حسبت أن أصحاب الكهف والرقيم كانوا من آياتنا عجبا ) [ الكهف : ٩ ] بسياق غير ما تقدم فيما مضى عن السور، وجزئيات لم تذكر إلا فيها مع عدم المخالفة لما مضى، تأييدا لأن كلماته لا تنفذ، وعجائبه لا تعد ولا تحد، وأنه لو كان من عند غيره لاختلف، مع أن أهلها سادة الموحدين، وقادة المصلحين المتقين الذين عملوا الصالحاتن، ونفوا الشرك وشرعوا ذلك للناس، فرحمهم ربهم سبحانه، وكلهم ممن يعتقده اليهود الآمرون لقريش بالسؤال عن أصحاب الكهف وذي القرنين تعنتا، أمت من عدا عيسى عليه الصلاة والسلام فواضح، وأما عيسى عليه السلام فيعتقدون أنه ما اتى لأأنه سيأتي، ويكون الناس في أيامه على دين واحد تصديقا لوعد التوارة الآتي بيانه، وذلك على وجه مستلزم في أكثرها تنزهه تعالاى عن الوالد، وقدرته على البعث، وبدأها بقصة من خرق له العادة في الولد على وجه مبين أنه لا يحتاجه إلا فإن حسا أو معنى يريد أن يخلفه فيما تعسر عليه فعله أو تعذر، وكان تقديم قصته أولى لأن التبكيت به أعظم لمباشرتهم لقتله وقتل ابنه يحيى عليهما الصلاة والسلام، وإشارة إلى أن العمل الصالح المؤسس على التوحيد ضامن لإجابة الدعاء وإن كان فيه خرق العادة، وثنى بأمر من نسبوء إليه وافتروه عليه