ولكن الاستغراب لا يزال يتردد فى نفسه فيقول :(رب اجعل لي آية قال آيتك ألا تكلم الناس ثلاث ليال سويا.
أعطاه ولدا من امرأة عاقر، وكان ذلك خرقا للأب فى عصر الأسباب، وقد وهبه الله تعالى حبا وحنانا، وبرا بوالديه ولم يكن.. جبارا عصيا.
ثم جاء بالمعجزة الكبرى الخارقة لمجرد الأسباب والمسببات وبيان أنها لا تلزم الفاعل المختار وهى خلق عيسى من غير أب من عذراء بتول فقال تعالى :( وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَانًا شَرْقِيًّا (١٦)
ونزل إليها روح القدس جبريل ـ عليه السلام ـ الذى شرفه الله تعالى بأن أضافه إليه ( فَاتَّخَذَتْ مِنْ دُونِهِمْ حِجَابًا فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا (١٧) قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا (١٨) قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا (١٩) قَالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا (٢٠) قَالَ كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِنَّا وَكَانَ أَمْرًا مَقْضِيًّا (٢١).
جاءها المخاض وألجأها إلى جذع النخلة، وجات الخوارق للعادة متوالية تعلن خرق نظرية الأسباب والمسببات، فتهز جذع النخلة.. فتساقط رطبا جنيا والماء يجرى من تحتها ( فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْنًا فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا (٢٦)


الصفحة التالية
Icon