ذلك عيسى ابن مريم قول الحق الذي فيه يمترون. ما كان لله أن يتخذ من ولد سبحانه إذا قضي أمرا فإنما يقول له: كن فيكون... الخ.
ذِكْرُ رَحْمَةِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا (٢) إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاء خَفِيّاً (٣)
حتى إذا انتهى التقرير والفصل وعاد السياق إلى القصص عادت القافية الرخية المديدة:
واذكر في الكتاب إبراهيم إنه كان صديقا نبيا. إذ قال لأبيه: يا أبت لم تعبد ما لا يسمع ولا يبصر ولا يغني عنك شيئا.. الخ.
حتى إذا جاء ذكر المكذبين وما ينتظرهم من عذاب وانتقام، تغير الإيقاع الموسيقي وجرس القافية:
قل: من كان في الضلالة فليمدد له الرحمن مدا. حتى إذا رأوا ما يوعدون إما العذاب ; وإما الساعة فسيعلمون من هو شر مكانا وأضعف جندا.. الخ.
وفي موضع الاستنكار يشتد الجرس والنغم بتشديد الدال:
وقالوا: اتخذ الرحمن ولدا. لقد جئتم شيئا إدا، تكاد السماوات يتفطرن منه وتنشق الأرض وتحز الجبال هذا.. الخ.
وهكذا يسير الإيقاع الموسيقي في السورة وفق المعنى والجو ; ويشارك في إبقاء الظل الذي يتناسق مع المعنى في ثنايا السورة، وفق انتقالات السياق من جو إلى جو ومن معنى إلى معنى.
ويسير السياق مع موضوعات السورة في أشواط ثلاثة:
الشوط الأول يتضمن قصة زكريا ويحيى، وقصة مريم وعيسى. والتعقيب على هذه القصة بالفصل في قضية عيسى التي كثر فيها الجدل، واختلفت فيها أحزاب اليهود والنصارى.
والشوط الثاني يتضمن حلقة من قصة إبراهيم مع أبيه وقومه واعتزاله لملة الشرك وما عوضه الله من ذرية نسلت بعد ذلك الأمة. ثم إشارات إلى قصص النبيين، ومن اهتدى بهم ومن خلفهم من الغواة ; ومصير هؤلاء وهؤلاء. وينتهي بإعلان الربوبية الواحدة، التي تعبد بلا شريك:(رب السماوات والأرض وما بينهما فاعبده واصطبر لعبادته. هل تعلم له سميا ؟)