والقول الآخر ما أعطيه من رحمة الناس حتى يخلصهم من الكفر والشرك.
وأصله من حنين الناقة على ولدها.
ويقال : حنانك وحنانيك ؛ قيل : هما لغتان بمعنى واحد.
وقيل : حنانيك تثنية الحنان.
وقال أبو عبيدة : والعرب تقول : حنانك يا رب وحنانيك يا رب بمعنى واحد ؛ تريد رحمتك.
وقال امرؤ القيس :
ويَمْنَحُها بَنُو شَمَجَى بن جَرْمٍ...
مَعِيزَهُمُ حَنَانكَ ذا الحَنانِ
وقال طرفة :
أبا مُنْذِرٍ أفنيتَ فاستبقِ بَعضَنَا...
حَنَانَيْكَ بعضُ الشَّرِّ أهونُ مِنْ بَعْضِ
وقال الزمخشري :"حنانا" رحمة لأبويه وغيرهما وتعطفاً وشفقة ؛ وأنشد سيبويه :
فقالتْ حَنَانٌ ما أَتَى بكَ هَاهُنَا...
أَذُو نَسَبٍ أَمْ أنت بالحيِّ عارفُ
قال ابن الأعرابي : الحنّان من صفة الله تعالى مشدداً الرحيم.
والحنَان مخفف : العطف والرحمة.
والحنان : الرزق والبركة.
ابن عطية : والحنان في كلام العرب أيضاً ما عظم من الأمور في ذات الله تعالى ؛ ومنه قول زيد بن عمرو بن نُفَيل في حديث بلال : والله لئن قتلتم هذا العبد لأتخذن قبره حَنَانا ؛ وذكر هذا الخبر الهرويّ ؛ فقال : وفي حديث بلال ومر عليه ورقة بن نوفل وهو يعذَّب فقال : والله لئن قتلتموه لأتخذنه حَنَانا ؛ أي لأتمسحنّ به.
وقال الأزهري : معناه لأتعطفن عليه ولأترحمن عليه لأنه من أهل الجنة.
قلت : فالحنان العطف، وكذا قال مجاهد.
و"حنانا" أي تعطفاً منا عليه أو منه على الخلق ؛ قال الحطيئة :
تَحنَّنْ عليَّ هَدَاكَ الملِيكُ...
فإنّ لكلِّ مقامٍ مَقَالاَ
عكرمة : محبة.
وحَنَّة الرجل امرأته لتوادهما ؛ قال الشاعر :
فقالتْ حنانٌ ما أَتَى بكَ هاهنا...
أذو نسبٍ أم أنتَ بالحيّ عارفُ
قوله تعالى :﴿ وَزَكَاةً ﴾ "الزكاة" التطهير والبركة والتنمية في وجوه الخير والبر ؛ أي جعلناه مباركاً للناس يهديهم.
وقيل : المعنى زكيناه بحسن الثناء عليه كما تزكي الشهود إنسانا.