وقال الماوردى :
قوله تعالى :﴿ يَا زَكَرِيَّآ إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلاَمٍ اسْمُهُ يَحْيَى ﴾
فتضمنت هذه البشرى ثلاثة أشياء :
أحدها : إجابة دعائه وهي كرامة.
الثاني : إعطاؤه الولد وهو قوة.
الثالث : أن يفرد بتسميته. فدل ذلك على أمرين :
أحدهما : اختصاصه به. الثاني : على اصطفائه له. قال مقاتل سماه يحيى لأنه صبي بين أب شيخ وأم عجوز
﴿ لَمْ نَجْعَل لَّهُ مِن قَبْلُ سَمِيَّاً ﴾ فيه ثلاثة اقاويل :
أحدها : أي لم تلد مثله العواقر، قاله ابن عباس. فيكون المعنى لم نجعل له مثلاً ولا نظيراً.
الثاني : أنه لم نجعل لزكريا من قبل يحيى ولداً، قاله مجاهد.
الثالث : أي لم يسم قبله باسمه أحد، قاله قتادة.
قوله تعالى :﴿... أَنَّى يَكُونُ لِي غُلاَمٌ ﴾
أي ولد.
﴿ وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِراً ﴾ أي لا تلد وفي تسميتها عاقراً وجهان :
أحدهما : لأنها تصير إذا لم تلد كأنها تعقر النسل أي تقطعه.
الثاني : لأن في رحمها عقراً يفسد المني، ولم يقل ذلك عن شك بعد الوحي ولكن على وجه الاستخبار : أتعيدنا شابين؟ أو ترزقنا الولد شيخين؟
﴿ وقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتيّاً ﴾ فيه ثلاثة أقاويل :
أحدها : يعني سناً، قاله قتادة. الثاني : أنه نحول العظم، قاله ابن جريج.
الثالث : أنه الذي غيره طول الزمان إلى اليبس والجفاف، قاله ابن عيسى قال الشاعر :
إنما يعذر الوليد ولا يعذر... من كان في الزمان عتياً
قال قتادة : كان له بضع وسبعون سنة وقال مقاتل خمس وتسعون سنة. وقرأ ابن عباس :﴿ عِسِيّاً ﴾ وهي كذلك في مصحف أبي من قولهم للشيخ إذا كبر : قد عسا وعتا ومعناهما واحد. أ هـ ﴿النكت والعيون حـ ٣ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon