وقال ابن الجوزى :
قوله تعالى :﴿ يا زكريا إِنا نبشرك ﴾
في الكلام إِضمار، تقديره : فاستجاب الله له فقال :"يا زكريّا إِنا نبشِّرك".
وقرأ حمزة :"نَبْشُرك" بالتخفيف.
وقد شرحنا هذا في [ آل عمران : ٣٩ ].
قوله تعالى :﴿ لم نجعل له من قبلُ سَمِيّاً ﴾ فيه ثلاثة أقوال.
أحدها : لم يُسمَّ يحيى قبله، رواه أبو صالح عن ابن عباس، وبه قال عكرمة، وقتادة، وابن زيد، والأكثرون.
فإن اعترض معترض، فقال : ما وجه المِدْحَة باسم لم يُسمَّ به أحد قبله، ونرى كثيراً من الأسماء لم يُسبَق إِليها؟ فالجواب : أن وجه الفضيلة أن الله تعالى تولَّى تسميته، ولم يَكِل ذلك إِلى أبويه، فسماه باسم لم يُسبَق إِليه.
والثاني : لم تلد العواقر مثله ولداً، رواه ابن أبي طلحة عن ابن عباس.
فعلى هذا يكون المعنى : لم نجعل له نظيراً.
والثالث : لم نجعل له من قبل مِثْلاً وشِبْهاً، قاله مجاهد.
فعلى هذا يكون عدم الشَّبَه من حيث أنه لم يعص ولم يهمَّ بمعصية.
وما بعد هذا مفسر في [ آل عمران : ٣٩ ] إِلى قوله :﴿ وكانت امرأتي عاقراً ﴾.
وفي معنى "كانت" قولان.
أحدهما : انه توكيد للكلام، فالمعنى : وهي عاقر، كقوله :﴿ كنتم خير أُمَّة ﴾ [ آل عمران : ١١٠ ] أي : أنتم.
والثاني : أنها كانت منذ كانت عاقراً، لم يحدُث ذلك بها، ذكرهما ابن الأنباري، واختار الأول.
قوله تعالى :﴿ وقد بلغتُ من الكِبَر عتياً ﴾ قرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو، وابن عامر، وأبو بكر عن عاصم :"عُتيّاً" و"بُكيّاً" [ مريم : ٥٨ ] و"صُليّا" [ مريم : ٧٠ ] بضم أوائلها.
وقرأ حمزة، والكسائي، بكسر أوائلها، وافقهما حفص عن عاصم، إِلا في قوله :"بُكيّاً" فإنه ضم أوله.
وقرأ ابن عباس، ومجاهد :"عُسِيّاً" بالسين قال مجاهد :"عتيّاً" هو قُحُول العظم.
وقال ابن قتيبة : أي يُبْساً ؛ يقال : عَتَا وعَسَا بمعنى واحد.