﴿ قَالَ ﴾ استئنافٌ مبنيٌّ على السؤال كأنه قيل : فماذا قال عليه الصلاة والسلام حينئذ : فقيل : قال :﴿ رَبّ ﴾ ناداه تعالى بالذات مع وصول خطابِه تعالى إليه بتوسط الملَك، للمبالغة في التضرع، والمناجاة والجِدِّ في التبتل إليه تعالى، والاحترازِ عما عسى يُوهم خطابُه للملك من توهُّم أن علمَه تعالى بما يصدُر عنه متوقِّفٌ على توسطه، كما أن علمَ البشرِ بما يصدر عنه سبحانه متوقِّفٌ على ذلك في عامة الأوقات ﴿ أنى يَكُونُ لِي غلام ﴾ كلمة أنى بمعنى كيف أو من أين، وكان إما تامةٌ وأنى واللام متعلقتان بها وتقديمُ الجار على الفاعل لما مر مراراً من الاعتناء بما قدم والتشويقِ إلى ما أُخّر، أي كيف أو من أين يحدث لي غلامٌ؟ ويجوز أن تتعلق اللامُ بمحذوف وقع حال من غلامٌ إذ لو تأخر لكان صفةً له أي أنى يحدث كائناً لي غلام، أو ناقصةٌ اسمُها ظاهرٌ وخبرُها إما أنى ولي متعلقٌ بمحذوف كما مر، أو هو الخبر وأنى نصبٌ على الظرفية، وقوله تعالى :﴿ وَكَانَتِ امرأتى عَاقِرًا ﴾ حال من ضمير المتكلم بتقدير قد وكذا قوله تعالى :﴿ وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الكبر عِتِيّاً ﴾ حالٌ منه مؤكدةٌ للاستبعاد إثرَ تأكيد، أي كانت امرأتي عاقراً لم تلِدْ في شبابها وشبابي فكيف وهي الآن عجوزٌ وقد بلغتُ أنا من أجل كِبَر السنِّ جساوة وقحولاً في المفاصل والعِظام، أو بلغتُ من مدارج الكِبَر ومراتبه ما يسمى عِتيًّا من عتا يعتو وأصله عُتُووٌ كقعود فاستُثقل توالي الضمتين والواوين فكسرت التاء فانقلبت الأولى ياء لسكونها وانكسار ما قبلها، ثم قلبت الثانية أيضاً لاجتماع الواو والياء وسبْقِ إحداهما بالسكون وكُسرت العينُ إتباعاً لها لما بعدها، وقرىء بضمها. ولعل البداءة هاهنا بذكر حال امرأتِه على عكس ما في سورة آل عمرانَ لِما أنه قد ذُكر حالُه في تضاعيف دعائِه وإنما المذكورُ هاهنا بلوغُه أقصى مراتبِ الكِبَر تتمةً لما ذكر قبل، وأما هنالك فلم