﴿ قَالَ ﴾ استئناف مبني على السؤال كأنه قيل فماذا قال عليه السلام حينئذٍ؟ فقيل قال :﴿ رَبّ ﴾ ناداه تعالى بالذات مع وصول خطابه تعالى إليه بواسطة الملك للمبالغة في التضرع والمناجاة والجد في التبتل إليه عز وجل، وقيل لذلك والاحتراز عما عسى يوهم خطابه للملك من توهم أن علمه تعالى بما يصدر عنه متوقف على توسطه كما أن علم البشر بما يصدر عنه تعالى متوقف على ذلك في عامة الأوقات ؛ ولا يخفى أن الاقتصار على الأول أولى ﴿ أنى يَكُونُ لِي غلام ﴾ كلمة ﴿ إِنّى ﴾ بمعنى كيف أو من أين، وكان إما تامة وأنى واللام متعلقان بها، وتقديم الجار على الفاعل لما مر غير مرة أي كيف أو من أين يحدث لي غلام، ويجوز أن يتعلق اللام بمحذوف وقع حالاً من ﴿ غُلاَمٌ ﴾ أي أنى يحدث كائناً لي غلام أو ناقصة واسمها ظاهر وخبرها إما أنى و﴿ لِى ﴾ متعلق بمحذوف كما مر أو هو الخبر وأنى نصب على الظرفية، وقوله تعالى :﴿ وَكَانَتِ امرأتى عَاقِرًا ﴾ حال من ضمير المتكلم بتقدير قد وكذا قوله تعالى :﴿ وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الكبر عِتِيّاً ﴾ حال منه مؤكدة للاستبعاد إثر تأكيد، ومن للابتداء العلي، والعتي من عتى يعتو اليبس والقحول في المفاصل والعظام.
وقال الراغب : هو حالة لا سبيل إلى إصلاحها ومداواتها، وقيل إلى رياضتها وهي الحالة المشار إليها بقول الشاعر :
ومن العناء رياضة الهرم...
وأصله عتوو كقعود فاستثقل توالي الضمتين والواوين فكسرت التاء فانقلبت الأولى ياءً لسكونها وانكسار ما قبلها ثم انقلبت الثانية أيضاً لاجتماع الواو والياء وسبق إحداهما بالسكون وكسرت العين اتباعاً لما بعدها أي كانت امرأتي عاقراً لم تلد في شبابها وشبابي فكيف وهي الآن عجوز وقد بلغت أنا من أجل كبر السن يبساً وقحولاً أو حالة لا سبيل إلى إصلاحها وقد تقدم لك الأقوال في مقدار عمره عليه السلام إذ ذاك.
وأما عمر امرأته فقد قيل إنه كان ثماني وتسعين.