ولو قدر أن المخاطب غيره تعالى أعني الملك تعين إضمار القول لامتناع أن يكون هو على هين من مقوله فلا ينسحب عليه الأول.
وأما على قراءة الحسن فإن جعل عطفاً على ﴿ قَالَ رَبُّكِ ﴾ لم يحتج إلى إضمار لصحة الانسحاب وإن أريد تأكيده أيضاً قدر القول لئلا تفوت البلاغة ويكون التناسب حاصلاً، وجعله عطفاً ما بعد ﴿ قَالَ ﴾ الثاني من دون التقدير يفوت به رعاية التناسب لفظاً فإن ما بعده مفرد والملاءمة معنى لما عرفت أن لا قول على الحقيقة.
والمعنى قال ربه قد حقق الموعود وفرغ عنه فلا بد من تقديره على ﴿ هُوَ عَلَىَّ هَيّنٌ ﴾ ليفيد تحقيقه أيضاً.
ولو قدر أن المخاطب غيره تعالى تعين الإضمار لعدم الانسحاب دونه فافهم، وهذا ما حققه صاحب الكشف وقرر به عبارة الكشاف بأدنى اختصار، ثم ذكر أن خلاصة ما وجده من قول الأفاضل أن التقدير على احتمال أن تكون الإشارة إلى ما تقدم من الوعد قال رب زكريا له قال ربك قولاً مثل قوله سبحانه وتعالى السابق عدة في الغرابة والعجب فاتجه له عليه السلام أن يسأل ماذا قلت يا رب وهو مثله فيقول : هو على هين أي قلت أو قال ربك.
والأصل على هذا التقدير قلت قولاً مثل الوعد في الغرابة فعدل إلى الالتفات أو التجريد أياً شئت تسميه لفائدته المعلومة.
وليس في الإتيان بأصل القول خروج عن مقتضى الظاهر إذ لا بد منه لينتظم الكلام وذلك لأن المعنى على هذا التقدير ولا تعجب من ذلك القول وانظر إلى مثله واعجب فقد قلناه.