وقال القاسمى :
﴿ يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ اسْمُهُ يَحْيَى لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيّاً ﴾
أي : مثلاً وشبيهاً. وعن ابن عباس : لم تلد العواقر قبله مثله. وروي أنه لم يعص، ولم يهمّ بمعصية قط.
﴿ قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِراً وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيّاً ﴾
أي : حالة لا سبيل إلى إصلاحها ومداواتها. وقيل : إلى رياضته. وهي الحال المشار إليها بقول الشاعر :
~ومن العناء رياضة الهرم
قال الراغب.
﴿ قَالَ كَذَلِكَ قَالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئاً ﴾
أي : من إنسان ونطفة وعلقة وعناصر، ثم وجدت.
قال الزمخشري : فإن قلت : لِمَ طلب أولاً، وهو وامرأته على صفة العتيّ والعقر، فلما أسعف بطلبته استبعد واستعجب ؟ قلت : ليجاب بما أجيب به، فيزداد المؤمنون إيقاناً، ويرتدع المبطلون. وإلا فمعتقد زكريّا أولاً وآخراً، كان في منهاج واحد، هو أن الله غنيٌّ عن الأسباب. انتهى.
وقال أبو السعود : إنما قال عليه السلام، مع سبق دعائه بذلك وقوة يقينه بقدرة الله لا سيما بعد مشاهدته للشواهد المذكورة في سورة آل عِمْرَان، استعظاماً لقدرة الله تعالى، وتعجيبا منها، واعتداداً بنعمته تعالى عليه في ذلك، بإظهار أنه من محض لطف الله عز وعلا وفضله. مع كونه في نفسه من الأمور المستحيلة عادة، لا استبعاداً له. وقيل : كان ذلك منه استفهاماً عن كيفية حدوثه. أي : أيكون الولد ونحن كذلك ؟ فقيل : كذلك. أي : يكون الولد وأنتما كذلك. أ هـ ﴿محاسن التأويل حـ ١١ صـ ٩٠ ـ ٩١﴾