وثانيها : أن المحتسب أن يذكر في مقدمة الدعاء عجز النفس وضعفها كما في قوله تعالى عنه :﴿وَهَنَ العظم مِنّى واشتعل الرأس شَيْباً﴾ [ مريم : ٤ ] ثم يذكر كثرة نعم الله على ما في قوله :﴿وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبّ شَقِيّاً﴾ [ مريم : ٤ ].
وثالثها : أن يكون الدعاء لأجل شيء متعلق بالدين لا لمحض الدنيا كما قال :﴿وَإِنّي خِفْتُ الموالى مِن وَرَائِى﴾ [ مريم : ٥ ].
ورابعها : أن يكون الدعاء بلفظ يا رب على ما في هذا الموضع.
الفائدة الثانية : ظهور درجات زكريا ويحيى عليهما السلام أما زكريا فأمور : أحدها : نهاية تضرعه في نفسه وانقطاعه إلى الله تعالى بالكلية.
وثانيها : إجابة الله تعالى دعاءه.
وثالثها : أن الله تعالى ناداه وبشره أو الملائكة أو حصل الأمران معاً.
ورابعها : اعتقال لسانه عن الكلام دون التسبيح.
وخامسها : أنه يجوز للأنبياء عليهم السلام طلب الآيات لقوله رب اجعل لي آية.
الفائدة الثالثة : كونه تعالى قادراً على خلق الولد وإن كان الأبوان في نهاية الشيخوخة رداً على أهل الطبائع.
الفائدة الرابعة : صحة الاستدلال في الدين لقوله تعالى :﴿وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِن قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئاً﴾ [ مريم : ٩ ].
الفائدة الخامسة : أن المعدوم ليس بشيء والآية نص في ذلك فإن قيل المراد ولم تك شيئاً مذكوراً كما في قوله تعالى :﴿هَلْ أتى عَلَى الإنسان حِينٌ مّنَ الدهر لَمْ يَكُن شَيْئاً مَّذْكُوراً﴾ [ الإنسان : ١ ] قلنا : الإضمار خلاف الأصل وللخصم أن يقول الآية تدل على أن الإنسان لم يكن شيئاً ونحن نقول به لأن الإنسان عبارة عن جواهر متألفة قامت بها أعراض مخصوصة والجواهر المتألفة الموصوفة بالأعراض المخصوصة غير ثابتة في العدم إنما الثابت هو أعيان تلك الجواهر مفردة غير مركبة وهي ليست بإنسان فظهر أن الآية لا دلالة فيها على المطلوب.