أمرها الله تعالى بأن تنذر الصوم لئلا تشرع مع من اتهمها في الكلام لمعنيين : أحدهما : أن كلام عيسى عليه السلام أقوى في إزالة التهمة من كلامها وفيه دلالة على أن تفويض الأمر إلى الأفضل أولى.
والثاني : كراهة مجادلة السفهاء وفيه أن السكوت عن السفيه واجب، ومن أذل الناس سفيه لم يجد مسافهاً.
المسألة التاسعة :
اختلفوا في أنها هل قالت معهم :﴿إِنّى نَذَرْتُ للرحمن صَوْماً﴾ فقال قوم : إنها ما تكلمت معهم بذلك لأنها كانت مأمورة بأن تأتي بهذا النذر عند رؤيتها فإذا أتت بهذا النذر فلو تكلمت معهم بعد ذلك لوقعت في المناقضة ولكنها أمسكت وأومأت برأسها، وقال آخرون : إنها ما نذرت في الحال بل صبرت حتى أتاها القوم فذكرت لهم :﴿إِنّي نَذَرْتُ للرحمن صَوْماً فَلَنْ أُكَلّمَ اليوم إِنسِيّاً﴾ وهذه الصيغة وإن كانت عامة إلا أنها صارت بالقرينة مخصوصة في حق هذا الكلام. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٢١ صـ ١٧١ ـ ١٧٧﴾