قال صاحب "الكشاف" البغي الفاجرة التي تبغي الرجال وهو فعول عند المبرد بغوي فأدغمت الواو في الياء، وقال ابن جني في كتاب "التمام" هو فعيل ولو كان فعولاً لقيل بغوا كما قيل نهوا عن المنكر.
المسألة الرابعة :
أن جبريل عليه السلام أجابها بقوله :﴿قَالَ كذلك قَالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَىَّ هَيّنٌ﴾ وهو كقوله في آل عمران :﴿كذلك الله يَخْلُقُ مَا يَشَاء إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ﴾ [ آل عمران : ٤٧ ] لا يمتنع عليه فعل ما يريد خلقه ولا يحتاج في إنشائه إلى الآلات والمواد.
المسألة الخامسة :
الكناية في :﴿هُوَ عَلَىَّ هَيّنٌ﴾ وفي قوله :﴿وَلِنَجْعَلَهُ ءايَةً لّلْنَّاسِ﴾ تحتمل وجهين : الأول : أن تكون راجعة إلى الخلق أي أن خلقه علي هين ولنجعل خلقه آية للناس إذ ولد من غير ذكر ورحمة منا يرحم عبادنا بإظهار هذه الآيات حتى تكون دلائل صدقه أبهر فيكون قبول قوله أقرب.
الثاني : أن ترجع الكنايات إلى الغلام وذلك لأنها لما تعجبت من كيفية وقوع هذا الأمر على خلاف العادة أعلمت أن الله تعالى جاعل ولدها آية على وقوع ذلك الأمر الغريب، فأما قوله تعالى :﴿وَرَحْمَةً مّنَّا﴾ فيحتمل أن يكون معطوفاً على ﴿وَلِنَجْعَلَهُ ءايَةً لّلْنَّاسِ﴾ أي فعلنا ذلك :﴿وَرَحْمَةً مّنَّا﴾ فعلنا ذلك ويحتمل أن يكون معطوفاً على الآية أي : ولنجعله آية ورحمة فعلنا ذلك.