وقال الماوردى :
قوله تعالى :﴿ وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ ﴾
يعني في القرآن ﴿ إِذ انتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا ﴾ فيه وجهان :
أحدهما : انفردت، قاله قتادة.
الثاني : اتخذت.
﴿ مَكَاناً شَرْقِيّاً ﴾ فيه ثلاثة أوجه :
أحدها : ناحية المشرق، قاله الأخفش ولذلك اتخذت النصارى المشرق قبلة.
الثاني : مشرقة داره التي تظلها الشمس، قاله عطية.
الثالث : مكاناً شاسعاً بعيداً، قاله قتادة.
قوله تعالى :﴿ فاتَّخَذَتْ مِن دُونِهِمْ حِجَاباً ﴾ فيه ثلاثة أقاويل :
أحدها : حجاباً من الجدران، قاله السدي.
الثاني : حجاباً من الشمس جعله الله ساتراً، قاله ابن عباس
الثالث : حجاباً من الناس، وهو محتمل، وفيه وجهان :
أحدهما : أنها اتخذت مكاناً تنفرد فيه للعبادة.
الثاني : أنها اتخذت مكاناً تعتزل فيه أيام حيضها.
﴿ فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا ﴾ الآية : فيه قولان :
أحدهما : يعني الروح التي خلق منها المسيح حتى تمثل لها بشراً سوياً.
الثاني : أنه جبريل، قاله الحسن وقتادة، والسدي، وابن جريج، وابن منبه.
وفي تسميته له روحاً وجهان :
أحدهما : لأنه روحاني لا يشوبه شيء غير الروح، وأضافه إليه بهذه الصفة تشريفاً له.
الثاني : لأنه تحيا به الأرواح.
واختلفوا في سبب حملها على قولين :
أحدهما : أن جبريل نفخ في جيب درعها وكُمِّهَا فَحَمَلَتْ، قاله ابن جريج، منه قول أميه بن أبي الصلت :
فأهوى لها بالنفخ في جيب درعها... فألقت سويّ الخلق ليس بتوأم
الثاني : أنه ما كان إلا أن حملت فولدته، قاله ابن عباس.
واختلفوا في مدة حملها على أربعة أقاويل : أحدها : تسعة أشهر، قاله الكلبي. الثاني : تسعة أشهر. حكى لي ذلك أبو القاسم الصيمري.
الثالث : يوماً واحداً.
الرابع : ثمانية أشهر، وكان هذا آية عيسى فإنه لم يعش مولوداً لثمانية أشهر سواه.


الصفحة التالية
Icon