وقال البخاري في أول ( باب اللعان ) ما نصه : فإذا قذف الأخرس امرأته بكتابة أو إشارة أوإيماء معروف فهو كالمتكلم، لأن النبي ﷺ قد أجاز الإشارة في الفرائض. وهو قول بعض أهل الحجاز وأهل العلم، وقال تعالى :﴿ فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ قَالُواْ كَيْفَ نُكَلِّمُ مَن كَانَ فِي المهد صَبِيّاً ﴾ [ مريم : ٢٩ ]. وقال الضحاك :﴿ إِلاَّ رَمْزاً ﴾ [ آل عمران : ٤١ ] إشارة. وقال بعض الناس : لا حد ولا لعان. ثم زعم أنه إن الطلاق بكتابة أو إشارة أو أيماء جاز وليس بين الطلاق والقذف فرق، فإن قال : القذف لا يكون إلا بكلام قيل له : كذلك الطلاق لا يكون إلا بكلام وإلا بطل الطلاق والقذف وكذلك العتق. وكذلك الأصم يلاعن. وقال الشعبي وقتادة : إذا قال أنت طالق - فأشار بأصابعه - تنبين منه بإشارته. وقال إبراهيم : الأخرس إذا كتب الطلاق بيده لزمه. وقال حماد : الأخرس والأصم إن قال براسه جاز : انتهى محل الغرض من كلام البخاري رحمه الله.
ومذاهب الأئمة الأربعة متقاربة في هذه المسالة، وبينهم اختلاف في بعض فروعها.
فمذهب مالك رحمه الله : أن الإشارة المفهمة تقوم مقام النطق. قال خليل بن إسحاق في مختصره، الذي قال في ترجمته مبيناً لما به الفتوى - يعني في مذهب مالك - الكلام على الصيغة التي يحصل بها الطلاق. ولزم بالإشارة المفهمة. يعني أن الطلاق يلزم بالإشارة أو بكتاب من طلق أو خلع أو عتق أو نكاح. أو بيع أو شراء أو قذف لزمه حكم المتكلم.


الصفحة التالية
Icon