وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة :﴿ فَإِمَّا تَرَيِنَّ ﴾ معناه فإن تري من البشر أحداً. فلفظه « إما » مركبة نم « إن » الشرطية و « ما » المزيدة لتوكيد الشرط. والأصل ترأيين على وزن تفعلين، تحركت الياء التي هي لام الكلمة وانفتح ما قبلها وجب قلبها ألفاُ فصارت ترآين، فحذفت الهمزة ونقلت حركتها إلى الراء. لأن اللغة الفصحى التي هي الأغلب في كلام العرب حذف همزة رأى في المضارع والأمر، ونقل حركتها إلى الراء فصارت تراينن فالتقى الساكنان فحذف الأول وهو الألف، فصار ترين فدخلت عليه نون التوكيد الثقيلة فحذفت نون الرفع من أجلها هي، والجازم الذي هو إن الشرطية، لأن كل واحد منمهما بانفراده يوجب حذف نون الرفع، فصار ترين، فالتقى ساكنان هما الياء الساكنة والنون الأولى الساكنة من نون التوكيد المثقلة، لأن كل حرف مشدد فهو حرفان، فحركت الياء بحركة تناسبها وهي الكسرة فصارت ترين، كما أشار إلى هذا ابن مالك في الخلاصة بقوله :
واحذفه من رافع هاتين وفي... واو ويا شكل مجالس قفي
نحو اخشين يا هند بالكسر ويا... قوم اخشون واضمم وقس مسويا
وما ذكرنا من أن همزة « رأى » تحذف في المضارع والأمر هو القياس المطرد في كلام العرب وبقاؤها على الأصل مسموع، ومنه قول سراقة بن مرداس البارقي الأصغر :
أرى عيني ما لم ترأياه... كلانا عالم بالترهات
وقول الأعلم بن جرادة السعدي، أو شاعر من تيم الرباب :
ألم ترأ ما لا قيت والدهر أعصر... ومن يتمل العيش يرأ ويسمع
وقول الآخر :
أحن إذا رأيت جبال نجد... ولا أرأى غلى نجد سبيلا