قال الشيخ :" قوله وقولُ [ غيرِه ] : إنَّ " أجاءها " بمعنى أَلْجَأَها يحتاج إلى نَقْلِ أئمةِ اللغة المستقرئين لذلك مِنْ لسانِ العرب. والإِجاءةُ تدلُّ على المُطلق، فَتَصْلُح لِما هو بمعنى الإِلجاءِ ولِما هو بمعنى الاختيار، كما تقول :" أَقَمْتُ زيداً " فإنه يَصْلُحُ أَنْ تكونَ إقامتُك له قَسْراً أو اختياراً. وأمَّا قوله :" ألا ترك لا تقول " إلى آخره فَمَنْ رَأَى أنَّ التعديةَ بالهمزة قياسٌ أجاز ذلك وإنْ لم يُسْمَعْ، ومَنْ منع فقد سُمِع ذلك في " جاء " فيُجيز ذلك. وأمَّا تنظيرُه ذلك ب " آتى " فليس تنظيراً صحيحاً ؛ لأنَّه بناه على أنَّ همزتَه للتعديةِ، وأنَّ أصلَه " أتى "، بل " آتى " ممَّا بُني على أَفْعَل، ولو كان منقولاً مِنْ " آتى " المتعدِّي لواحد لكان ذلك الواحدُ هو المفعولَ الثاني، والفاعلُ هو الأولُ، إذا عَدَّيْتَه بالهمزةِ تقولُ :" أتى المالُ زيداً " و " آتى عمروٌ زيداً المالَ " فيختلف التركيب بالتعدية لأنَّ " زيداً " عند النحويين هو المفعولُ الأول، و " المالُ " هو المفعولُ الثاني، وعلى ما ذكره الزمخشري كان يكون العكس، فَدَلَّ على أنَّه ليس على ما قاله، وأيضاً فآتى مُرادِفٌ لأَعْطَى، فهو مخالِفٌ من حيث الدَّلالةُ في المعنى. وقوله :" ولم تَقُلْ : أتيت المكانَ وآتانِيْه " هذا غيرُ مُسَلَّمٍ بل تقول :" أتيتُ المكانَ " كما تقول :" جئت المكان ". وقال الشاعر :
٣٢١٩- أَتَوْا ناري فقلتُ مَنُوَّنَ أنتُمْ... فقالوا : الجنُّ قلتُ عِمُوا ظَلاما
ومَنْ رأى التعديةَ بالهمزةِ قياساً، قال :" آتانيه " وهذه الأبحاثُ التي ذكرها الشيخُ معه ظاهرُه الأجوبة، فلا نُطَوِّلُ بذِكْرِها.
وقرأ الجمهورُ " فَأَجَاْءَها "، أي : أَلْجأها وساقَها، ومنه قولُه :
٣٢٢٠- وجارٍ سارَ مُعْتَمِداً إليكم | أَجَاْءَتْهُ المَخافةُ والرَّجاءُ |