من لطائف الإمام القشيرى فى الآية
قال عليه الرحمة :
﴿ فَحَمَلَتْهُ فَانْتَبَذَتْ بِهِ مَكَانًا قَصِيًّا (٢٢) ﴾
لمَّا ظهر بها الحَمْلُ، وعَلِمَتْ أَنَّ الناسَ يستبعدون ذلك، ولم تَثِقْ بأحدٍ تُفْشِي إليه سِرَّها... مَضَتْ إلى مكانٍ بعيد عن الخَلْق.
﴿ فَأَجَاءَهَا الْمَخَاضُ إِلَى جِذْعِ النَّخْلَةِ قَالَتْ يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنْتُ نَسْيًا مَنْسِيًّا (٢٣) ﴾
أَلَجَأَها وَجَعُ الولادةِ إلى الاعتماد إلى جِذْع النخلة. ولمَّا أَخذها الطَلْقُ، ودَاخَلَهَا الخَجَلُ مِنْ قومِها نَطَقَتْ بلسانِ العَجزِ، وقالت :﴿ يَالَيْتَنِى مِتُّ قَبْلَ هَذَا ﴾.
ويقال يحتمل أنها قالتها إشفاقاً من قومها، لأنها عَلِمَتْ أَنَّهم سيبسطون لسانَ الملامةِ فيها بسلانِ الفُجْر ؛ وينسبونها إلى الفحشاء.
ويقال قالتها شفقةً على قومها لئلا تُصِيبَهم بِسبَبَها عقوبةٌ.
ويقال قالت :﴿ يَالَيْتَنِى مِتُّ قَبْلَ هَذَا ﴾ حتى لم أسمع مَنْ قال في الله تعالى بسببي إن عيسى ابن الله وابن مريم، وإن مريمَ زوجتُه... تعالى الله عن ذلك عُلُوَّاً كبيراً!
ويقال ﴿ يَا لَيْتَنِى مِتُّ قَبْلَ هَذَا ﴾ : في الوقت الذي كنتُ مرفوقاً بي، ولم تستقبلني هذه الخشونةُ في الحالةِ التي لَحِقَتْنِي.
ويقال ﴿ يَالَيْتَنِى مِتُّ قَبْلَ هَذَا ﴾ : في الوقت الذي لم يكن قلبي متعلقاً بسبب.
﴿ فَنَادَاهَا مِنْ تَحْتِهَا أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا (٢٤) ﴾
في التفسير أن المَعْنِيَّ بقوله ﴿ مِن تَحْتِهَا ﴾ : جبريلُ عليه السلام، وقيل عيسى عليه السلام. والمقصودُ منه تسكينُ ما كان بها من الوحشة، والبشارة بعيسى عليه السلام، أي يرزقك الله ولداً سرياً.
﴿ وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا (٢٥) ﴾


الصفحة التالية
Icon